وتقاليد يمنية في الأعياد تستمد قدسيتها من تلك المناسبات الدينية, وترتبط كلمة العيد هنا بكل شيء جديد. وتختلف عادات وتقاليد اليمنيين من محافظة إلى محافظة مع تنوع المكان والزمان فهناك عادات في عيد الفطر لاتكون موجودة في عيد الأضحى, وهناك تقاليد صنعانية تختلف عن تلك الحضرمية, وتقاليد قروية غير المدنية. تبدأ تقاليد اليمنيين في عيد الفطر مع دخول رمضان وبالأخص العشر الأواخر منه, ومع انشغال الصغار في القرى بجمع الحطب ووضعه على هيئة أكوام عالية، ليتم حرقها ليلة العيد فيما يعرف النصيرة , تعبيراً عن الفرحة بقدوم عيد الفطر وحزناً على فراق رمضان , يهتم الكبار بشجرة القات ليتم قطفها ليلة العيد وشراء أثواب وملابس جديدة لجميع افراد الأسرة. وتنشغل النساء على حد سواء في القرية أوالمدينة ليلة العيد بتهيئة بعض المأكولات التي ستقدم في صباح العيد للضيوف أو ما يعرفون ب «المسَلمّين» بتشديد اللام وفتح السين . المأكولات العيدية : ومن المأكولات في صباح العيد انواع الحلويات جعالة العيد وهي عبارة عن زبيب ولوز وفستق وكعك وكيك, كما تؤكل في الصباح التمور ووجبات مثل فتة اللبن مع السمن أو فتة العسل والفتة هي قطع خبز بلدي ، أما في الظهيرة فيتناول وجبة الغداء التي تشتمل على وجبة الزربيان أو وجبة الكبسة وهي أطباق من الأرز مع اللحم , ويضاف إليه الزبيب والبطاطا , وهناك أكلة اسمها بنت الصحن وتتقارب مع أكلة اسمها السبايا أو سوسة وهي خليط من الدقيق والبيض والسمن يطهى في الفرن ويضاف اليه العسل الشهير الذي يعد من اشهر انواع العسل في العالم , كما أن هناك أكلتين مشهورتين هما السلتة وهي عبارة عن مرق اللحم مع قطع صغية منه إلى جانب بطاطا وما يعرف بالحلبة لتخلط مع قليل من الارز والتوابل المذابة في الخل والماء وتقدم مع خبز خاص يسمى ب «الملوج» و كما أن هناك أكلة العصيد, وهي عبارة عن طبق مطبوخ من طحين الذرة أو الشعير. اللبس العيدي : جميع أفراد الأسرة اليمنية ومع اشراقة يوم العيد يلبسون أفضل ملابسهم وبالذات الجديدة ويتزينون ويتعطرون ويخرج الرجال مع أطفالهم إلى الساحات والمساجد لأداء صلاة العيد فيما تنشغل النساء بتجهيز البيت. ويفضل الملابس الشعبية فالرجال يلبسون أثواباً الواحد قميص مكمم وطويل يصل الى القدم مع جنبية خنجر معكوف في داخل خشب مزين بنحاس أو خيوط خضراء مع حزام ذهبي اللون, ويلبس الشال والكوت وأحيانا تعمل عمامة على الرأس. أما النساء فهن يلبسون لباساً اعتيادياً لأن خروجها مرتبط بلبس البالطو او العباية السوداء, و تستخدم النساء الخضاب أو الحناء لرسم نقوشات على الأيدي والأرجل. المصافحة: يقبل البعض على بعضهم الآخر فيتصافحون ويتعانقون وينسون خلافاتهم , وتختلف طرق المصافحة من منطقة الى أخرى لكن معظم الأهل يتصافحون بالأيدي ويلامسون بوجوه بعضهم البعض وفي مناطق كسقطرى تتم التحية بملامسة أنفي كلا المتصافحين, وفي بعض المناطق يقبل الصغار الكبار في ركبهم وتقبل النساء الرجال الأقارب على رؤوسهم . عسب العيد: حب اليمنيين للعادات والتقاليد العيدية يجعلهم يحرصون أن يهل عليهم العيد وهم بين أهاليهم فتجدهم يعودون من المدن التي يقطنون فيها الى القرى لقضاء عطلة العيد , ويأتي ذلك امتدادا للترابط الاسري القوي الذي شكل عامل الدفاع والمحرك الأول للعادات اليمنية في فترة الأعياد. ويحرص على ابراز الجانب الاجتماعي في مراسم الاحتفال بالعيد فيعودون المرضى ويتبادلون الزيارات للتهنئة بحلول العيد في اعقاب الصلاة. وهناك عادة اجتماعية مشهورة وتعرف عسب العيد وهو عبارة عن مبلغ من المال بدون تقدير معين يدفع من قبل الكبير لأهاليه وبالذات النساء والأطفال، ويعد عسب العيد رافداً مهماً للأسر الفقيرة التي تقوم بقضاء جزء كبير من ديونها بسبب تكاليف العيد من خلاله. كما أن التجار والجمعيات الخيرية يعتبرون العيد مناسبة جيدة لتقديم عطاءاتهم للفقراء والمساكين, وتشمل احيانا تلك العطاءات معظم أصحاب الدخول المحدودة. جلسات العيد: يسيطر القات على مجالس الرجال يوم العيد في حين تعد مجالس النساء الأقل اهتماماً به وتتواجد تعميرة المداعة و الشيشة والسجائر أحيانا لدى الجانبين. ويعتبر جلسات القات العيدية أهم جلسات العام لأنها تجمع شيخ القبيلة مع معظم أفراد قبيلته لتدارس الأوضاع والنقاش حول بعض القضايا , مع الابتعاد عن الروتين اليومي وهو سماع الشكاوى. وتحكى في مجالس العيد كثير من الحكايات والطرائف والقصص التاريخية مع ذكريات الأعوام الماضية. كما أن هناك جلسات عيدية داخل المنازل وخارجها حيث يقبل الكثير على السفر مع أسرهم إلى مناطق سياحية وساحلية مثل عدن والحديدة كما ينفذ البعض حفلات رقص شعبي في ساحات كبيرة تعبر عن البهجة ، وداع رمضان يشكل حزناً كبيراً لدى اليمنيين ويظهر ذلك من خلال ارهاق وصمت ومزاج غير طبيعي لدى البعض منهم مع غياب شمس يوم العيد إلا أنهم سرعان ما يعاودون تقاليدهم الرمضانية من خلال صوم 6 أيام من شوال مباشرة. وفي القرى تنحر الذبائح ويوزعون لحومها على الجيران والأصدقاء والجلوس في مجالس طيلة أيام العيد لتبادل الحكايات المختلفة. أما أهل المدن فيذهبون لتبادل الزيارات العائلية عقب صلاة العيد، وتقدم للأولاد العيدية والأكلات الشعبية التي لا يكاد بيت يخلو منها فهي «السَّلتة» وتتألف من الحلبة المدقوقة وقطع البطاطا المطبوخة مع قليل من اللحم والأرز والبيض. وتحرص النسوة على تقديم أصناف من الطعام للضيوف في العيد ومنها:بنت الصّحن أو السّبايا وهي عبارة عن رقائق من الفطير متماسكة مع بعضها البعض ومخلوطة بالبيض والدهن البلدي والعسل الطبيعي. وتختلف عادات العيد في بلادنا بين المدن والقرى، حيث تأخذ هذه العادات في القرى طابعاً اجتماعياً أكبر، عبر التجمع في إحدى الساحات العامة، وإقامة الرقصات الشعبية والدبكات، فرحاً بقدوم العيد. أما النساء وربات البيوت فينصرفن قبل العيد الى تزيين مساكنهن وتنظيفها بعناية فائقة غير معتادة وإظهارها بحلى جديدة تختلف هيئتها ونوعها من مسكن إلى آخر. وبعد صلاة العيد يذهب الناس مباشرة الى صلة ارحامهم وهو ما يسمى في بلادنا العوادة، حيث يقوم الرجال بزيارة اقربائهم ويقدم الرجال مبلغاً مالياً لكل من يسلمون عليهم من النساء الأقارب وهذا المبلغ يسمى عوادة لانه عادة متوارثة في كل عيد. وبخلاف العيدية فإننا مشهورون بتقديم الكعك مع القهوة والزبيب واللوز للزائرين. وبالنسبة للأطفال فإن العيد يمثل لهم الحصول على العيدية من كل من دخل منازلهم من الزائرين الامر الذي يتيح لهم شراء أكبر كمية من اللعب حيث ترى الشوارع مزدحمة بهم ويحرصون على شراء الألعاب النارية بجميع أشكالها. أما الرجال فينصرفون بعد أداء صلاة العيد والسلام على بعضهم البعض الى زيارة ارحامهم وبعد ذلك فان الشغل الشاغل لهم هو الحصول على الذبيحة ثم الانصراف إلى سوق القات الذي يجمع الجميع في الدواوين والمجالس في جلسات اجتماعية. أما النساء فينصرفن من بعد صلاة العصر بعد أن يلبسن أجمل ملابسهن الى حفلات الأعراس التي تكثر أيام عيد الفطر المبارك وفي غير الأعراس تجتمع النساء في مجالس يقال لها مجالس التفرطة النسائية وكالرجال يتناول أغلبية النساء في هذه المجالس القات.