مطلوب من الانسان أن يراعي أخاه وأن يعينه على تجنب مواطن الذل ...فلا أقسى من الشعور بالذل ، صور الذل متعددة ومن صور الذل ذل الحاجة ولهذا كثيراً مايردد الناس دعاء ( اللهم لا تحيجنا لأحد) بمعنى لا تذلنا لأحد ، هذا دعاء العجائز والعارفين أيضاً لأن النفور من الذل هو صفة للإنسان السوي فلا أحد يميل إلى ذل الحاجة وقمة التحرر هو التحرر من الحاجة للآخرين ولهذا يكون الاعتماد على النفس ميزة وضماناً للحرية وكثير من الحكماء والعظماء يحاولون الاعتماد على النفس والخالق والاستغناء عن الآخرين حتى في تدبير أمورهم العادية ، هم يعتبرون أن خدمة الآخر صورة من صور الارتهان والحبال الملوية على العنق .. ومن أجل هذا حث الاسلام المحسنين وأصحاب الصدقات أن لايتبعوا صدقاتهم بالمن والأذى لأنه إمعان في الذل وجرح كبرياء إنسان وجعله يشعر بمرارة الحاجة وثقل التعالي .. الإحسان بحاجة إلى إحسان والى أن يشعر المحسن بالحاجة الى قبول إحسانه بحب لأنها تزكية يحتاجها دنيا وآخرة... شيء من الغفلة والشعور بالزهو بالصدقة يحول المحسن إلى شر محض.. إن الصدقة والإحسان معانٍ وروح قبل أن تكون عطاء مادياً ومادة للتعالي على عباد الله ، فالمال مال الله والناس مستأمنون ..ولتحقيق هذه المعاني حث الإسلام على صدقة السر لأنها تحقق الابتعاد عن الأذى والمن ...أعتقد أن الطوابير الطويلة والمزدحمة التي نراها هذه الأيام الأواخر لتوزيع الصدقات أمام بعض بيوت الميسورين والمتاجر هي صورة من صور الذل بما فيها من دلهفة جسمية ونفسية للبعض وكان المفترض أن يراعى الأسلوب الحسن والكريم لتوزيع الصدقات التي هي حق يجب أن يعطى لأصحاب حق ليس لمتسولين وبأفضل صورة وأكرمها فإذا كان المطلوب.. إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح فإن الأولى إذا تصدقتم وأحسنتم فأحسنوا الصدقة، إن شر الأعمال الإساءة للإحسان وعدم تجميل صوره.. إن الأسلوب الحسن للصدقات يعكس جمال أرواح المتصدقين أكثر من الصدقة ذاتها التي قد تتحول إلى علامة تدل على جهل وسوء صاحبها ...ما المانع مثلاً أن يبدأ توزيعها من بداية رمضان مثلاً ... المهم أن يكون الإحسان في الصدقة في اهتمامات المحسنين وإلا كانوا عبارة عن قطيع يمارسون المن والأذى ويوزعون الاذلال ويخونون أماناتهم . [email protected]