هانحن ننعم ببركات شهر رمضان المبارك الذي تكثر فيه الصدقات والزكوات والتكافل المادي بين الأسر، وتقديم المساعدات المادية والعينية لأصحاب الحاجات من الفقراء والمعوزين من قبل الميسورين والتجار ومالكي الأموال. ولعل الإنفاق الجزيل في عمل الخير هو مايميز هذا الشهر الفضيل عن بقية أشهر السنة الأخرى،وإن كانت بعض طرق الانفاق تلك لاتتم كما يراد لها في تحقيق غايات نبيلة تصون نسيج المجتمع واستقراره وتحفظ كرامة ومكانة المحتاج بعيداً عن المهانة والذل. ولكن ثمة مناظر تؤلمني كثيراً وهي رؤيتي لحشود المحتاجين وتزاحمهم أمام أبواب بعض المؤسسات والشركات والمحلات التجارية أوحتى أمام بيوت الميسورين انتظاراً ولساعات طويلة وربما لأيام للحصول على ماتيسر من المساعدات، وحين يأتي الفرج يتم توزيع تلك المعونات بطريقة مهينة لاتحترم آدمية الفقير، حيث يتهافت المحتاجون للصدقات والزكوات ويتدافعون فيما بينهم بالمناكب والأقدام في محاولة للفوز بما يجود به المتصدق دون نظام في منظر مهين لايسر أحد وينتقص من أجر المحسن ويكاد يبرز حالة السادية عند الموزع للعطايا أكثر من القصد الذي يعلنه للملأ وهو التقرب إلى الله عزوجل. ربما يلبس بعض المحسنين ثوب الكرم فيما هم يمارسون على الفقراء والمحتاجين دور المنَّانون، الساعون إلى اشباع نزعاتهم في الشهرة أوالسيادة والتعالي على الآخرين، وهنا يضيع دون أن يعلموا حسنات وفضائل تقديم الزكاة أوالصدقة النقية من أدران النفس الامارة بالسوء. إن انتهاج طرق ووسائل جديدة لتوزيع الزكاة والصدقات على المحتاجين بما يصون كرامتهم وماء وجههم بعيداً عن محاولات البعض لدفع المحتاجين لممارسة طقوس التسول والاستجداء المهينة لإنسانيته هي ضرورة تؤكدها التعاليم الإسلامية وتتطلبها القيم الحضارية للمجتمعات المدنية الحديثة. وأعجبني كثيراً قيام إحدى المؤسسات الخيرية العاملة في بلادنا بالتوجه مباشرة إلى منازل المحتاجين وطرق أبوابهم وتقديم المساعدات الرمضانية لهم في جنح الليل دون أن يدري من قدّم له تلك المساعدة.. فهل يحتذي أصحاب الأموال الطالبون لوجه الله حقاً هذه السلوكيات النبيلة، ورمضان كريم.