ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يساء فيها إلى رسولنا الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام وإلى ديننا الإسلامي وازدراء مقدساتنا الإسلامية ورموزنا الدينية. وهذه الإساءات في الحقيقة ما هي إلا حلقة ضمن سلسلة من إساءات اليهود الحاقدين بحق رسول الرحمة والبشرية بدءاً من ذلك اليهودي “جار الرسول” الذي كان يضع الأشواك والقاذورات في طريق الرسول وإيذاؤه في دينه وعرضه .. إلى محاولتهم – أي اليهود- قتله ودس السم في طعامه وما زالت الإساءات حتى اليوم.. وكل مصائب العالم وإشعال الفتن وراءها اليهود. وما حدث أخيراً من ظهور فيلم يسيء إلى الرسول “صلى الله عليه وسلم” عمل أخرق وأهوج، بل وعمل استفزازي مدبر، أثار حفيظة وغضب ملايين المسلمين في العالم وجرح مشاعرهم ..فخرجت جموع المسلمين غاضبة منددة بهذا الفيلم المسيء لرسولنا الكريم. نعم.. يجب علينا كمسلمين أن نغضب لرسولنا وديننا ..ولكن يجب أن نفكر كيف نغضب، وكيف نتصرف إزاء هذا الحدث بعقلانية وحكمة، وكيف تكون ردة فعلنا نصرة للرسول الأعظم. فإذا ما نظرنا إلى ردود الأفعال التي جرت خلال الأيام الماضية في العالمين العربي والإسلامي سنجد أن الاحتجاجات الغاضبة تحولت إلى مظاهر عنف ودمار وخراب، ومهاجمة السفارات الأمريكية وإحراقها ونهبها، كما حصل في صنعاء وتونس والخرطوم، بل وصل الأمر بالحشود الغاضبة إلى قتل السفير الأمريكي والدبلوماسيين في بنغازي دون ذنب لهم سوى أنهم رسل لدولتهم، وهم في ضيافتنا، ومستأمنون على حياتهم، ونحن نصرة للرسول، قمنا بقتلهم وإحراق سفاراتهم المحمية بالقوانين والمواثيق الدولية. هل رسولنا أمرنا بقتل النفس المستأمنة؟ وهل ما شاهدنا على شاشات التلفاز من نهب لمحتويات السفارة الأمريكية في صنعاء وتحطيم السيارات وإضرام النار فيها والعبث بمحتوياتها بطريقة مسيئة لنا كمسلمين نتمثل وندعي أخلاق الرسول الكريم ثم نقول نصرة للرسول هل تكون نصرة الرسول بهذا الشكل الذي رأيناه في صنعاء وتونس والخرطوم بتصرفات حمقاء وغوغائية وأفعال صبيانية، تقودنا عواطفنا الغاضبة الهوجاء إلى ارتكاب حماقات تشوه ديننا وحضارتنا الإسلامية؟ وتسيء إلينا كمسلمين أولاً.. وهذا ما يريده أعداؤنا الحاقدون على ديننا ..حيث يجري الآن تصويرنا - نحن المسلمين - في وسائل الإعلام الغربية على أننا أمة غوغائية تحض على الكراهية والعداء للآخر، وتمارس العنف والإرهاب والتطرف ومعاداة السامية وأننا أقلية في هذا العالم، ويطلقون حملاتهم التحريضية ضدنا في وسائل إعلامهم بل ويصورون أنفسهم على أنهم ضحايا، وأنهم مكروهون من قبلنا، حتى يزيفوا عقول شعوبهم. ونحن بأفعالنا هذه الخارجة عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وأخلاق رسولنا الكريم الذي لاقى إساءات أكثر مما يلاقيه اليوم، لكنه تجاوزها واستثمر الشر إلى خير، بينما نحن وقعنا في الفخ الذي نصبه لنا الأعداء بإساءات إلى ديننا وقيمنا من حيث لا ندري، وقدمنا لهم ما كانوا يريدونه بهذا الفيلم مجاناً ويخططون لأجله، في مطابخ الكراهية والتحريض على المسلمين بأنهم بلا أخلاق وعفويون. أكرر وأقول كل مسلم لا يقبل ولا يرضى أن يساء إلى رسولنا الحبيب ومن حق كل مسلم أن يغضب ويعبر عن رفضه لكل من يسيء لرموزنا الدينية، ولكن بطريقة سلمية وحضارية راقية تعكس روح ديننا الإسلامي، ومكانته وعظمته كدين كبير يدعو إلى الرحمة والتسامح، وينبذ العنف والتخريب. ألا توجد وسيلة أخرى للدفاع عن الرسول الحبيب غير القتل والعنف واقتحام سفارات أمريكا ونهبها وحرقها؟ نعم هناك ألف وسيلة لنصرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) أولها أن ننصره باتباع سنته والاقتداء بسيرته والتمثل بأخلاقه العظيمة..بالتعريف به وحياته وسيرته. أليس من الأجدى أن نرد على الفيلم بفيلم يشرح عبقرية نبينا محمد...ويوضح عظمة الإسلام وأخلاق وقيم المسلمين، كذلك مقاطعة البضائع الأمريكية، ورفع دعاوى قضائية ضد منتجي الفيلم فلماذا لا ترفع 57 دولة إسلامية وهي قوام أعضاء منظمة التعاون الإسلامي دعاوى قضائية ضد الفيلم ومنتجيه؟ كذلك طباعة الكتب الإسلامية وأخلاق وشمائل الرسول باللغات الأجنبية، لنعرف الآخرين بمدى حبنا ونصرتنا لرسولنا الكريم، ونحوّل الإساءة إلى رسولنا إلى رسالة دعوة وتعريف وأعمال فنية وثقافية بكل لغات العالم.