نعم نحن نحب ذلك الرجل الذي اصطفاه الله من بين خلقه أجمعين ليكون خاتم النبيين والمرسلين، نحبه لكن بأفواهنا فقط، لأننا لو كنا أحببناه فعلاً لاتبعنا سنته ولأيتنا أوامره واجتنبنا نواهيه، لكن حبنا لهذا الرجل النبي الأمي يشبه حُب الحكومات العربية لشعوبها وطاعة الشعوب العربية لولاة أمرها، فهؤلاء يطبقون القانون على الضعفاء دون الأقوياء والآخرون يطيعون ويخضعون فقط للأقوياء! بئس الشعوب وبئس الحكومات تلك، اليوم نحن أمام عاصفة إعلامية تمس ديننا وهذه العاصفة جاءت كنتاج لتحولات مناخية سابقة في طقس الإعلام الغربي بدأت منذ سنوات طويلة بالإساءة للفظ الجلالة عبر كتابته بشكل مبهم على الأحذية ثم تطورت إلى ترهيب الدين رويداً رويداً وسب الرسول الكريم والسخرية منه عبر لوحات كاريكاتورية واليوم هو يهان صلى الله عليه وسلم عبر شخصيات واقعية ومع سبق إصرار وفق سياسة الحق في التعبير عن الرأي، ومن الطبيعي أن يحدث هذا الاستنفار الشعبي في الكثير من بلدان العالم العربي والإسلامي كون الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله رمز القدسية الدينية لدى العرب والمسلمين، لكن وبكل أسف لا بد من القول إن هؤلاء المنتفضين وبهذا الزخم والعنف والتطرف يسيئون لرسول الله الكريم دون أن يشعروا أو ربما شعروا لكنهم وجدوها فرصة لإفراز حجم الغضب الذي يسكن أنفسهم والذي يعود سببه الرئيس إلى عدم الإيمان بقدرة الله وقلة اليقين بحكمته وحلمه، فهل كان رسول الله صلى عليه وسلم سيأمر بقتل من قُتل من سفراء أو أجانب أو سياح أو ممثلين لأوطانهم لو أنه كان بيننا؟!! هل كان سيرضى أن تعم هذه الفوضى ويصل العنف إلى درجة القتل وسفك الدماء؟! أعتقد لو أن الحبيب المصطفى بيننا لأمر أفقه الناس وأكثرهم علماً بأمور الدين وأكثرهم حلماً على الآخرين وأرسلهم إلى هؤلاء في حوار يظهر الحجج ويشرح البراهين على طاولة سلام ووفاق بعيدة عن أي خصومة أو تعصب أو تطرف، وأنا مع الذين يرون أن جرأة هؤلاء على رسولنا الكريم جاءت بسبب جهلهم الكبير والعميق بشخصه العظيم والغاية من اصطفاء الله له كمبعوث سماوي جاء متمماً لمكارم الأخلاق وموجهاً لاقتفاء الفضيلة قولاً وفعلاً، لو أننا احببناه لكنا رُسلاً للسلام حتى يعرف العالم البعيد كل ما يمكن عن سماحة ورقي وزهد هذا الدين الذي نعتنقه اسماً لا جسماً!. لماذا لا تثور ثورة هذه الشعوب ضد المواقع الإباحية على الانترنت أو مختلف القنوات الفضائية؟! لماذا لا تثور ثورتهم حين يعم الظلم وتنتشر الفاحشة وتزيد المظالم ولا تحكم بالعدل تلك المحاكم؟! هل يحبه هؤلاء؟ وهل من سنة الحب أن تكون له مواسم؟! نعم فهؤلاء لا يحبونه إلا حين يتجرأ عليه الآخرون بينما ننساه أعواماً من ذكره والصلاة عليه واتباع أبسط السنن عنه، هُم يفعلون هذا جرأة علينا وليس جرأة على رسول الله لأن الله يدافع عن الذين آمنوا، هم يفعلون هذا لإثبات ضآلة عقولنا عن استيعاب المعنى الحقيقي للحرية الفكرية واتخاذ الحوار بين الأديان مدخلاً لذلك، ولو أنهم عرفوا رسول الله كما عرفناه نحن ما فعلوا هذا المنكر. لكن لنكن صرحاء، هل نعرف حقاً رسولنا الصادق الأمين؟! هل نقرأ في سيرته؟! هل نعلم أبناءنا الاقتداء بسنته؟! اعتقد أننا لو اتبعنا حديثاً واحداً من أحاديثه عليه الصلاة والسلام في تربية الجيل لأفلحنا في صنع أمة محمدية، ألم يُقل صلى الله عليه وسلم “ أفش السلام وأطعم الطعام وصل بالليل والناس نيام تدخل الجنة بسلام” أو كما قال عليه الصلاة والسلام، هل فعلنا شيئاً من هذا؟! لا والله حتى أصبح اللعان هو التحية بين الأقران والإخوان وانتشر الشُح والبخل لدرجة عدم الثقة بما عند الله وأنه صاحب خزائن السماوات والأرض،وتجافى الناس عن الصلوات المفروضة وكأنهم يرفضون تلك العلاقة الواصلة بين الخالق والمخلوق خمس مرات في اليوم والليلة أو أكثر لمن يرغب في الوقوف بين يدي ملك الملوك راغباً أو تائباً أو شاكياً.. لو أننا أحببنا هذا الرجل العظيم ما قتل بعضنا بعضاً طمعاً في متاع زائل وحطامٍ فاتٍ.. لو أنكم تحبونه حق الحق ما تبرجت نساؤكم ولا عق أبناؤكم ولا ركن إلى الدنيا شبابكم ولا فسق رجالكم..