بقيام الثورة سقطت أوهام الاحتكار السلالي للسلطة والدين والمعرفة موقف الثورة أوقفني في موقف الثورة وقال لي : غالباً ما تتذكرون ثورة سبتمبر وتتجاهلون ثورة الشباب والطلاب التي سبقتها. قلت له:أي ثورة تعني؟ هل كان هناك ثورة شبابية طلابية قبل ثورة سبتمبر؟ قال: نعم وفي نفس العام وما حدث في سبتمبر هو انضمام القيادات العسكرية إلى الثورة الشبابية والشعبية. يؤسفني أن تاريخكم يتجاهل هذه الثورة الطلابية السلمية في يونيو 1962م يوم حاول الطلاب اقتحام الكلية الحربية والإذاعة بصدور عارية، واكتملت شروط هذه الثورة بموت الإمام متأثراً بجراحه بثورة الحديدة بعد فشل ثورة تعز عام 1955م التي جاءت بعد ثورة صنعاء 1948م وبين هذه الثورات ثورات لم تتوقف. وأكد لي أن ثوراتكم عاشت مخاضاً عسيراً، وليس العيب فيها، بل في واقعكم الصعب وحقلكم المعرفي والتاريخي والاجتماعي الغارق في أتون التخلف المشدود إلى الماضي، وقد أثبتت القوة الحية في هذا الشعب مدى تعطشها للتغيير وتطلعها إلى المستقبل المشرق وقدرتها على الصمود والتضحية، رغم كل العوائق والانقسامات وخيانات النخبة المرتزقة. و أردف مواسياً: لا تثريب عليكم: كلما عظمت التضحيات وكلما زادت المعاناة كلما زاد الناس إصراراً على تحقيق أهدافهم وليس غريبا على الشعب اليمني إصراره ومصابرته على إنجاز ثوراته مهما كانت التضحيات ورغم الظروف القاهرة. سألته : لماذا خلقنا الله في شعب يعيش هذا التعقيد وهذه الأزمات المتراكمة؟ قال: رحمة بكم ليساعدكم على تحقيق ذاتكم، وتكثيف إنسانيتكم، ولو خلقكم في عالم زاخر بالرفاهية خلو من التعقيد انتفت حاجة الحياة إليكم. موقف النصر أوقفني في موقف النصر وقال لي: بقيام الثورة سقطت أوهام الاحتكار السلالي للسلطة والدين والمعرفة، وإلى الأبد وإذا كانت بعض هذه الأوهام قد انتعشت على حين غفلة من الزمن مع انحراف الجمهورية ومحاولة الاحتكار العائلي للسلطة، فإن ثورة فبراير أنهت أحلامها البائسة، وأكدت أن إرادة الشعب لا يمكن أن تقهر، لأنها من إرادة الله الذي استخلفها في الأرض ولن ينال عهد الله الظالمون ولو كانوا من سلالة إبراهيم عليه السلام، فالأرض لله يرثها الصالحون للتطور والنماء، القادرون على التجديد وتجاوز مورثات الماضي العتيقة. وأكد لي أن الإنسان اليمني خرج من قمقمه ومحاولات إعادته إلى القمقم لن يكتب لها النجاح، وما يهدره البعض من جهود وأموال وأرواح تزهق، ستعود عليهم بالحسرة في الدنيا والآخرة، فمسيرة التاريخ لن تعود إلى الوراء. لقد افقد النظام السابق، الجمهورية والوحدة قاعدتها الأخلاقية الوطنية بالاحتكار العائلي للسلطة، فانتعشت أحلام الانفصال والإمامية مستفيدة من حالة العراء الأخلاقي لنظام صالح، الذي أكسب هذه الأحلام مبررات أخلاقية واهية، تهاوت مع قيام الثورة الشعبية السلمية في فبراير المجيد، فعلى جميع القوى أن تلتحم اليوم لبناء يمن المستقبل، وأن تتوقف عن التمترس وراء أحلام الماضي ورموزه البائسة.