نتفوق نحن اليمانيين على باقي شعوب الأرض ونستحق بجدارة لقب المواطن الأكثر قدرة على اختراع “الأعذار” لتبرير الفشل في المجتمعات العربية ذلك الفشل الذي بات امتيازاً يمنياً خالصاً في كثير من أمورنا وتفاصيل حياتنا اليومية التي أصبحت مرتعاً خصباً لتكاثر ونمو الأخطاء بصورة تثير الدهشة نتيجة التقصير الذي عادة ما يقود إلى الفشل، ومثلما كان الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح يجد في أسرة حميد الدين شماعة مناسبة يعلق عليها أخطاء حكمه ونظامه حتى بعد مرور أربعين عاماً على زوال حكمهم تحول “صالح” وأنصاره اليوم إلى شماعة ترمي عليها حكومة السيد محمد سالم باسندوة كل بلاويها وتحمله مسئولية الإخفاق في أدائها، على الأقل حتى اللحظة. في تعز لا يختلف الأمر كثيراً فأنصار المحافظ شوقي هائل لا يجدون حرجاً في الإشارة بأصابع الاتهام نحو “الاصلاحيين” باعتبارهم سبباً رئيسياً في عرقلة جهود المحافظ الشاب لانتشال “تعز” من وضعها المأساوي المقلق هل يبدو أننا ندور في دائرة مفرغة ؟.. ربما هو كذلك ما من شيء أسهل على الإنسان من ابتكار المبررات لتعويض تقصيره في أداء المهام التي يتعين عليه القيام بها، لكن الشيء الصعب هو أن يمتلك الفرد الشجاعة الكافية على الاعتراف بالفشل أو العجز عن تحقيق النجاح المأمول. ذلك أن الإنسان تسيطر عليه بطبيعة الحال غريزة المكابرة. كم نحن بحاجة إلى التعامل مع بعض التفاصيل بواقعية وقليل من الصدق مع الذات. ما المخجل مثلاً أن نعترف بعجزنا عن أداء الدور المطلوب ونترك المجال لمن هو قادر على أدائه دون ضجيج ؟ أظن أن مثل هذا الأمر سيكون جديراً بالاحترام لدى العامة أكثر من المكابرة السخيفة التي لا تقود سوى لمزيد من الأخطاء والفشل والعبث أيضاً. لن يقلل ذلك من احترام الآخرين لنا مقدار حبة من خردل بل انه سيكسبنا احترامنا لذواتنا بقدر يمكننا من القبول بالتخلي عن الأنانية المفرطة وحب السلطة والمسئولية. أعلم جيداً أن ثمة حروب وألعاباً قذرة تمارس في الظلام ربما تكون سبباً مباشراً في عرقلة جهود البناء وإعادة الأمن والأمان لنا كمواطنين.. لكني أعلم أيضاً أن من حقنا على مسئولينا أن نطالبهم بوضع حد لها ومحاسبة المتورطين فيها، بعيداً عن كيل التهم بعبثية دون امتلاك دليل واحد يمنحهم القدرة على محاسبة هؤلاء، وإلا فليعترفوا بعجزهم ويعودوا إلى منازلهم لأخذ قسط من الراحة فاسحين المجال أمام غيرهم من الأشخاص القادرين على تولي المسئولية وإحداث التغيير بجدارة، من منا لا يتذكر الفقيد الدكتور فرج بن غانم وكيف أنه فضل الاستقالة من رئاسة الوزراء حينما وصل إلى قناعة تامة بأن الأجواء المحيطة به لن تساعده على العمل والنجاح فقرر ترك المنصب بهدوء، الأكيد أن الجميع لازال يتذكره بإجلال وتقدير كبيرين.. كيف لنا أن نحصل على نسخة كربونية من هذا الرجل العظيم؟ نحن اليوم في أمس الحاجة إلى مسئولين لديهم القدرة على انتشالنا من حالة التطبيع مع الخوف التي باتت تؤرق مضاجعنا.. ودوائر الرعب التي تحاصرنا.. مسئولين يجيدون ابتكار الحلول الناجعة.. لا الأعذار الفارغة والأعداء الوهميين.