الاهتمام بالإنسان أمر بالغ الأهمية؛ لأنه هدف التنمية ووسيلتها, واليمن منذ آلاف السنين تجعل الإنسان وبناءه همها الأول والأخير؛ باعتباره الثروة الحقيقية في اليمن, فقد كانت الامبراطورية اليمنية القديمة إبان الحضارات المعينية والسبئية والحميرية تجعل من الإنسان أساس البناء والإعمار، وهو القوة البشرية التي حالت دون إذلال اليمن, وكان الإنسان القوة التي منعت المحاولات الاستعمارية العديدة من الامبراطورية الفارسية المجاورة للحضارة اليمنية من الشرق والامبراطورية الرومانية المواجهة لليمن من الشمال. إن أهمية بناء الإنسان والحفاظ على جذوره الحضارية والإنسانية بات اليوم الشغل الشاغل للدول، ويشكل محور الارتكاز في الفكر الاستراتيجي القومي للدول, والقول بأن أهمية الإنسان قد بدأت تتضاءل قول جانبه الصواب، ومهما كانت التقنية الحديثة قد تطورت فإن الإنسان يظل فاعلاً؛ لأنه هو الذي أحدث التطور التقني، وهو وحده القادر على التعامل مع تلك التقنية والحداثة المذهلة في هذا الجانب. إن الهم القادم والشغل الشاغل الذي ينبغي أن ينشغل به الفكر الاستراتيجي اليمني هو بناء الإنسان اليمني وكيفية الحفاظ عليه, فإذا كان الفكر الاستراتيجي للقوى الاستعمارية تجاه الدول محل الأطماع ينكب على كيفية تدمير الإنسان في تلك الدول، ليزول من على وجه الأرض، ويخلو الجو للدول المستعمرة لنهب خيرات تلك الدول، فإن الواجب على الفكر الاستراتيجي اليمني أن يجنب اليمن واليمنيين الصراعات الفئوية والمذهبية، من أجل الحفاظ على الإنسان وإعادة بنائه فكرياً وثقافياً وجسمياً؛ لأنه الوسيلة الدفاعية التي تصون الأرض والعرض. وبناءً عليه أقول لكل القوى السياسية: كفى عبثاً وتعريضاً بأبناء اليمن للخطر، وعودوا إلى فكركم الاستراتيجي من أجل بناء الإنسان والحفاظ عليه، ولا تغرنكم الدسائس والمكايد والمؤامرات التي يصنعها لكم العدو؛ من أجل القضاء على القدرات البشرية لليمن، وافهموا بأن العدو يخطط لكيفية بناء إنسانه، ويعمل من أجل تدمير غيره، ونحن لا نريد دماراً لأحد على الإطلاق، وإنما نريد الحفاظ على إنسان اليمن من أجل بنائها وإعمارها وديمومتها وبقائها الأزلي بإذن الله.