التحديث والتطوير في النظم السياسية يعد ظاهرة إنسانية تخضع للدراسة العلمية القائمة على التحليل والاستنتاج والمقارنة والاستخلاص، بهدف تقديم المفيد النافع للمجتمعات الإنسانية، على اعتبار أن الفكر الإنساني فعال ومتطور يستجيب لكل المتطلبات الحياتية، وقد شهد الفكر الإنساني في مجال العلوم السياسية تغيرات ومستجدات متلاحقة خضعت جميع تلك المتغيرات للدراسة المقارنة التي قدم من خلالها المفكرون السياسيون العديد من النظريات السياسية والحقائق العلمية الناتجة عن تجارب الحياة السياسية في مختلف العصور وكانت مهمة الباحث الربط بين المتغيرات المكانية والزمانية للظاهرة السياسية. إن التحديث السياسي الذي شهده اليمن عبر المراحل المختلفة منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد في عهد الدولة المعينية ثم الدولة السبئية ثم الدولة الحميرية وهي الدول المركزية التي تمكن فيها اليمنيون من إقامة دولة مركزية واحدة موحدة على الخارطة الطبيعية لليمن، قد جعل الكثيرين من المفكرين والباحثين السياسيين يدرسون تلك الفترات التاريخية دراسة مقارنة ومنجهية علمية لمعرفة الأسباب والمقومات التي جعلت تلك الدول تصل إلى مستوى الإمبراطوريات الحضارية الأخرى في قارات العالم القديم الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا، وكانت النتيجة التي توصل إليها الباحثون واحدة وهي: أن قوة الدولة وازدهارها لا يتحقق إلا بوحدة أجزائها وأطرافها، وأن تصبح جسداً واحداً مترابطاً ليزداد قوة واتساعاً. إن التاريخ السياسي لليمن مدرسة بالغة الأهمية ينبغي على اليمنيين الذين يتميزون بالبعد الاستراتيجي في تفكيرهم تجاه بناء الدولة المركزية القادرة والمقتدرة أن يكونوا على علم بعلم التاريخ من أجل استخلاص العبر والعظات، وليدرك الجميع أن الدولة القوية والفاعلة في تاريخ الحياة السياسية لم تتحقق إلا في وحدة الأرض والإنسان، ونحن اليوم مازلنا في المراحل الأولى من بناء الدولة المركزية الرابعة التي ستعيد لليمن مكانتها الحضارية والإنسانية، التي بدأت في 22مايو 1990م ومن أجل الحفاظ عليها وتطويرها وتحديثها بإذن الله.