بتواضع جمّ وثقة لا حدود لها استطاع الرئيس عبدربه منصور هادي خلال جولته “الأورو-امريكية” الأخيرة أن ينقل هموم شعبه وتطلعاته إلى الأسرة الدولية بكل شفافية ووضوح وبلغة لا لبس فيها ولا غموض حول تحديات ومتطلبات الراهن ، بل إن الأمر الأكثر أهمية والذي ترك ارتياحاً لدى الكثيرين هو قدرة الرئيس في مخاطبة الذهنية الأوربية والأمريكية بتلك التي يفهمونها ويستوعبونها والقائمة على لغة الأرقام و المؤشرات العلمية والواقعية، ولذلك رأيناه في كل الفعاليات التي حضرها أو شارك فيها شديد الحرص على استحضار لغة الأرقام والابتعاد قدر الإمكان عن الخطابية والإنشائية التي درج عليها الساسة في العالم العربي . ربما كانت تلك أبرز المفاتيح الأساسية التي نفذ من خلالها الرئيس عبدربه منصور هادي إلى الذهنية الغربية كما أشرنا ، ولكنها ليست الوحيدة التي عززت من حضوره، ومنها تلك الحفاوة في الاستقبال التي تعدت أحياناً البروتوكولات الرسمية كما حدث عند قيام الرئيس باراك أوباما -على غير العادة- بزيارته إلى مقر إقامته ..وهي دلالة على تكريم الرجل لتأثيره وللدور الذي اضطلع به خلال الفترة الانتقالية الراهنة التي يعيشها اليمن والتي تستدعي –بالضرورة- حشد الجهد الإقليمي والدولي لدعمها والحيلولة دون انتكاستها، بل أن ثمة عوامل أخرى ساهمت في هذا النجاح الكبير الذي كللت به جولة الأخ رئيس الجمهورية تعود أكثرها إلى نجاح الرجل –حتى الآن- في إدارة الأزمة اليمنية بكل تعقيدات المشهد وأطياف القائمين عليه بالإضافة إلى نجاحاته غير المسبوقة في توجيه ضربات قاصمة إلى تنظيم القاعدة سواء تمثل ذلك في تنفيذ العمليات النوعية ضد أبرز قيادات وعناصر التنظيم أو في دحر مليشياته المسلحة من المناطق التي كانت تسيطر عليها وهو الأمر الذي يستدعي –بالضرورة- دعم جهود الرئيس اليمني في هذا الاتجاه، ولقد لمسنا هذا فعلاً في تأكيدات هذه الزعامات التي التقاها الرئيس عبدربه منصور هادي والمتمثلة في الوقوف الكامل مع اليمن في تأمين الظروف الملائمة لاستقراره و ازدهاره. وكما عهدنا المناضل عبدربه منصور هادي في كل الظروف والأحوال صادقاً وواضحاً وشجاعاً فقد وجدناه على نفس القيم والمبادئ وهو يشير إلى موضع الجرح النازف في الداخل والناجم –في جزء أساس منه – عن التدخل الإيراني المستمر في الشأن اليمني من خلال إمداد أطراف الحراك الجنوبي المسلح -كما كان قبل ذالك مع الحوثيين – بالمال والعتاد في محاولة يائسة لإعادة تجزئة اليمن وإعاقة جهود التهدئة والتسوية القائمة على المبادرة الخليجية التي رعتها الأممالمتحدة وارتضاها كل الأطراف اليمنيين حرصاً منهم على النأي ببلدهم بالعودة مجدداً إلى مخاطر تلك المربعات التي عطلت حركة التغيير في اليمن لعقود طويلة. إذاً ومن منطلق تلك الأجواء الايجابية التي واكبت الجولة الرئاسية في الدول التي زارها الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي ومشاوراته مع المانحين الغربيين لم تقتصر نتائجها على الأبعاد الاقتصادية وإنما في التأكيد –أيضاً- على جدية اليمنيين في التقاط اللحظة التاريخية للخروج من أسر التحديات والتبعات التي يعيشونها - وهو بالنتيجة – ما لفت أنظار الأسرة الدولية لتجديد دعمها لليمنيين في هذه المرحلة المحفوفة بمخاطر النزاعات والحروب التي تخيم على المنطقة فضلاً عن التدخلات واختلاط الأوراق الإقليمية والدولية في منطقة هي الأكثر أهمية بالنسبة لاستقرار المنطقة والعالم وليس فقط بالنسبة لاستقرار اليمن وحده.