- بلغت الأرصدةالاحتياطية للريال اليمني بالعملة الصعبة (الدولار) بحسب ما ورد في نشرة الصندوق الدولي(825)مليون دولار وهو رقم عال إذا ما قورن باحتياطي مصر آنذاك الذي قارب (240)مليون دولار. - عمل على بناء دولة المؤسسات وتقويض ثقافة المحسوبيةوإنهاءالفسادولهذاتشكلت لجان التصحيح المالي والإداري التي انتشرت على كامل خريطة الجزء الشمالي من اليمن. عند منتصف الليل والغالبيةالعظمى من اليمنيين نيام أعلن الخبر الفاجعة (بصوت المذيع عبدالملك العيزري) فظنوا أول الأمر أنه كابوس، وعندما تأكدوا من حقيقتة عرف الجميع على الفور الفاعل والدوافع، محددين القتلة ب(أحمد حسين الغشمى) وآخرين يعرفونهم. هو إبراهيم محمد الحمدي الخولاني(1943– 11أكتوبر1977)المولود في مديرية قعطبة في محافظة إب، رئيس الجمهورية العربية اليمنية من 13 يونيو 1974 حتى 11 أكتوبر1977، والذى يجدد اليمنيون له عهود الوفاء في ذكرى اغتياله الخامسة والثلاثين، مرسلين حنينهم وابتهالاتهم إلى روحه من قراهم المتناثرة على خارطة البلاد، ومؤكدين على حضوره فى حنايا قلوبهم رغم تقادم الزمن. تعلم الحمدى في كلية الطيران، ولم يكمل دراسته حيث عمل مع والده القاضي في محكمة ذمار في عهد الإمام أحمد يحيى حميدالدين، وأصبح في عهد الرئيس عبدالله السلال قائداً لقوات الصاعقة، ثم مسؤولاً عن المقاطعات الغربية والشرقية والوسطى.في عام 1972 أصبح نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية، ثم عين في منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة، وفي 13 يونيو 1974 قام بانقلاب عسكري أبيض أطاح بالقاضي عبدالرحمن الإرياني في حركة 13 يونيو 1974 بمباركة من القبائل حينها الذين كانوا معارضين لتوجهات الإرياني. وقام بتسليم سلطات الرئيس وأعضاء المجلس الجمهوري إلى القوات المسلحة التي اجتمعت ممثلة في القيادة العامة كان من بينهم أحمد الغشمي, يحيى المتوكل ومجاهد أبو شوارب. وأطلق الحمدي على انقلابه حركة تصحيحية ترجمت جهداً جباراً لطموحه في إقامة دولة حديثة يسودها القانون، وفي أول يوم رئاسة وبعد مراجعة سريعة للمواضيع المهمة في أجندته المزدحمة أصدر أمراً عاجلاً بوقف الحملات الإعلامية ضد الجنوب وقيادته، مع التأكيد بأن الوحدة ستظل هي الخيار الوحيد للشعب اليمني، مهما تباينت الآراء والمواقف، ولأنها هدف عظيم فإنها تحتاج إلى تضحيات عظيمة..فبادله على الفور الرئيس سالم ربيّع علي الشهير بسالمين نفس الرغبة ونفس الشعور مؤسسين لعلاقة قوية بينهما أخذت الطابع الشخصي أكثر من الرسمي. لقد بدأ الرجل مهمته الشاقة بجهد جبار يعاونه مجموعة من الوجوه الشابة والمؤهلة أكاديمياً في بناء الدولة الحديثة دولة النظام والقانون والمؤسسات، وهي مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة من قائد جمع في شخصيته القوة والقدوة، مضافاً إليها ثقافته وتميزه خلال دراسته المدنية والعسكرية، والأسرة العريقة التي جاء منها كقاض (خلال فترة عمله القصيرة في سلك القضاء في غياب والده القاضي محمد صالح الحمدي، كانت تنتهي أحكامه إلى الصلح بين المتخاصمين)وفقاً لمفاهيم أن العدل أساس الحكم، وأساس الحكم مخافة الله، وأن لا يخاف في الحق لومة لائم. وأثبت الحمدى جدارته كقائد وطني من خلال عدة أعمال منها: أوامره بتعليق عبارة الله جل جلاله بدلاً عن صورته، إنزال جميع الرتب العسكرية التي وصلت إلى حد التضخم، وحامليها إلى التخمة إلى المقدم، بما فيها رتبته، فأعاد للجندي والصف والضابط الهيبة المفقودة، منع استخدام السيارات الحكومية والعسكرية وسيارات المؤسسات العامة والمختلطة للأغراض الشخصية، زيادة المرتبات مع أربعة مرتبات إضافية تصرف في مناسبات عيدي الفطر والأضحى وذكرى الثورة وذكرى الحركة، البساطة والتواضع حياة وسلوكاً، واللذان لازماه هو وأفراد أسرته حتى آخر أيامه، التنقل بدون حراسة أو موكب مع السائق أو لوحده بسيارته الفولكسواجن، القيام بزيارات ليلية متنكراً، الزيارات المفاجئة للدوائر الحكومية والأمنية والعسكرية (آخر زيارة مفاجئة له كانت إلى مدينة تعز قبل اغتياله بأسابيع قليلة)، وقيل يومها إنه كان قاسياً جداً في توبيخ وانتقاد مسؤولي المحافظة على التسيب وعدم الالتزام الوظيفي، حاسَب نفسه قبل أن يحاسبة الآخرون، مطبقاً مبدأ من أين لك هذا، صارماً على كل من حوله وخاصة أقربائه، الحرص على المال العام، مما حقق للخزينة العامة فائضاً؛ حيث بلغت الأرصدة الاحتياطية للريال اليمني بالعملة الصعبة (الدولار) بحسب ما ورد في نشرة الصندوق الدولي الفصلية ديسمبر - كانون أول 1977(825) ثمانمائة وخمسة وعشرين مليون دولار، وهو رقم عال إذا ما قورن باحتياطي مصر آنذاك الذي قارب (240) مائتين وأربعين مليون دولار، الالتقاء بكل من يرغب بلقائه من المواطنين أسبوعياً في لقاء مفتوح دون حواجز ووفق إجراءات سهلة وعادية جداً، إلغاء مسميات الشيخ والسيد، وأبدلها بالاخ، تقبيل العلم عند المغادرة والأرض عند العودة من كل سفرة خارجية، الاتيان بالجديد فى كل خطاب يلقيه، بدأ في عهده موسم التشجير في مارس- آذار - من كل عام لإعادة الاخضرار إلى اليمن السعيد، سلم للمتحف الوطني كل الهدايا العينية التي حصل عليها أثناء زياراته لدول شقيقة وصديقة؛ لأنها من وجهة نظرة هدايا من شعب لشعب، والمسؤول ليس إلا وسيطاً، أما المبالغ المالية بملايين الدولارات فتم تحويلها إلى خزينة الدولة، تفرغ حتى نهاية العام 1974 للشأن الداخلي فترسخ الأمن الشامل مع التنمية الشاملة، ولأنه قارئ جيد للتاريخ فقد قرر إعادة بناء سد مأرب فقصد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي تعود أصول عائلته إلى اليمن وإلى مدينة مأرب تحديداً، فوافق على تحمل التكاليف، فكانت الهدية الثانية من شعب الإمارات لشقيقه شعب اليمن بعد محطة التليفزيون، ولأنه مدرك لحجم الضغوط السعودية وتأثيرها على بلاده، لذا كانت وجهته الخارجية الأولى إلى الرياض فالتقى المرحوم الملك فيصل بن عبدالعزيز الذي أعجب به وبديناميكيته، لكن هذا لم يمنعه من التعليق بقوله: «سيتعبنا»؟! وعمل إبراهيم الحمدى على بناء دولة المؤسسات وتقويض ثقافة المحسوبية وإنهاءالفساد، ولهذا تشكلت لجان التصحيح المالي والإداري التي انتشرت على كامل خريطة الجزء الشمالي من اليمن آنذاك، واستطاع الحمدى أن يوفر الأمن للمحافظات بشكل ملحوظ مما ساعده على الشروع ببناء أعمال حيوية وخدمية في البلاد كتعبيد الطرق التي كانت أغلبها ترابية وغير معلمة قبله، وبناء المدارس والمستشفيات وتنظيم الاستثمار في المجال الزراعي، فردمت الفجوة الطبقية التي كانت موجودة في البلاد آنذاك، مما ساعد اليمن على تجاوز آثار الحكم الإمامي الطويل الذي عزله عن العالم الخارجي تماماً. وفي ذلك العهد برزت اليمن على الخارطة السياسية والإقليمية والدولية، فانعقد أول مؤتمر قمة للدول المطلة على البحرالأحمر، لهدف ضمان أمن منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ومصالح الدول المطلة عليه. كما انتهج سياسة معادية لمصالح شيوخ القبائل الطامحين بالسلطان، وحاول إخراج اليمنيين من ولاءاتهم القبلية، وعمل على محاربة الفساد وإنهاء الفوضى السياسية التي كان يشهدها اليمن. ونظراً لعلاقة الحمدي الجيدة بدول الخليج فقد ترأس الوفد اليمني المهنئ لبعض دوله بانتهاء الحماية البريطانية، وكان من بوادر تلك العلاقة: دعوة اليمن لعقد مؤتمر قمة عربي طارئ لبحث تداعيات الحرب الأهلية في لبنان التي اندلعت في فبراير - شباط 1975 ، ووقف نزيف الدم واقتراح تشكيل قوات الردع العربية، قمة عدم الانحياز التي عقدت في العاصمة السيرلانكية كولومبو في يوليو - تموز 1975، وانتخبت اليمن لسكرتارية المؤتمر دعوة اليمن إلى عقد قمة للدول المطلة على البحر الأحمر في مارس - آذار 1977 ، لباها رؤساء جنوباليمن سالم ربيّع والسودانى جعفر النميري والصومالى سياد بري، وتجاهلتها السعودية. أما زيارته التاريخية إلى فرنسا في يوليو-تموز، والتي استقبله فيها الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان، فكانت المحطة الحساسة، والتي نتج عنها الاتفاق على صفقة للأسلحة الفرنسية وكلها كانت بوادر تشير إلى رغبة الحمدي في تبني سياسة مستقلة عن التأثيرات الخارجية. أين القاتل ياغشمي؟! أنت القاتل ياغشمي؟! هي الكلمات التي رددها اليمنيون على أنغام سيمفونية حزينة صاخبة صبيحة التشييع، معبرين عن غضبهم وحزنهم لاغتيال زعيمهم وآمالهم التي تبددت برحيل أعظم ريئس لمسوا في حركته اليونيوية التصحيحية تطبيقاً حقيقياً لأهداف ثورة ال (26)من سبتمبر، وحداً فاصلاً لمعاناتهم في العصر الحديث: أما أقتلت القتل ولم تقتل؟ أوقعت الخطة في مأزق.. القتل بصنعا مقتول وروائحه فيها أعبق.. الآن عرفت... فما الجدوى؟ سقط التنسيق، ومن نسق.. أضحى القتال هم القتلى، أرديت (القائد والملحق). فقد كانت ما وصف بها شاعرنا الأشهر عبدالله البردوني اغتيال الحمدي في قصيدته السلطان والثائر الشهيد.