ربما أن القوى المأزومة الانهزامية القادمة من زمن ما قبل الثورة والوحدة والدولة.. لم تدرك بعد أن عناقيد العنب قد سقطت، وربما أنها لم تتبين أن قصور الرمال الرخوة قد انهارت، وأن أحلام الغفلة قد داستها ماكينة التغيير التي انطلق بها شعبنا سيراً نحو آفاق الدولة المدنية الحديثة القائمة على العدل والمساواة والنظام والقانون.. ربما.. وربما.. وفي كل الأحوال.. لا يمكن فهم حالة هؤلاء، سوى أنها انعكاس لتقوقعهم في متاريسهم القديمة المتخلفة التي لاتزال تستدعي محركاتها الرجعية، ولم تخرج بعد من بادرومات القبيلة العصبية وتهاويل الدين المتزمت المتصادم مع ديننا الحنيف..! ومن المؤسف، حقاً، أن تظل تلك القوى منغلقة على ذاتها حبيسة ثقافة غوغائية غير مؤهلة للتكيف مع روح التغيير وعاجزة عن الانخراط في مجتمع الدولة..! بهذا المعنى هي تستثمر بوعي عصبوي صدامي أية قضية وتجعل منها مادة لتفجير أي وفاق أو اتفاق وطني يلوح في الأفق السياسي الوطني، منتهجة في ذلك موقفاً عدائياً وانتقامياً صارخاً من إرادة الشعب وثورة التغيير بمضامينها الوطنية والإنسانية المعاصرة.. وهو نهج مغامر لا ينم إلا عن نفوس مريضة معقدة جُبلت على تدمير الذات وتدمير الآخر في إطار أفعال شيطانية نزقة تعيد ثقافة ما قبل المجتمع المؤسساتي المدني.. ما قبل الدولة..! [email protected]