الطبيعي جداً أن ثورة التغيير التي اندلعت مطلع العام الماضي هي نتاج عملي لتطور المجتمع والديالكتيك وتجاوزه للعلاقات التقوقعية المعقدة والبالية، بكل ما فيها من تعالٍ وإلغاء ونزعات فوقية استبدادية، في مقابل نضوج أشكال جديدة من العلاقات بين قوى المجتمع ومكوناته السياسية والحزبية، تقوم على احترام الآخر والتسليم بمكانته واقتداره في إطار تنافسي شريف.. وعلى أساس من فكر تسامحي يعطي أولوية الوعي على الإيمان، والإيمان على العمل، وعلى قدسية العقد في علاقة بلا إمامة سوى إمامة العقل والمنطق والواقعية والصدق..! لسوء الحظ لايزال البعض أسرى زنازين ثقافة ما قبل الثورة.. متقوقعاً بمعزل عن واقعيات المرحلة.. محاولاً أن يوقف هذا المد الثوري عند تحقيق مكاسب ضيقة حزبية أو شخصية. وهذه مثلبة عويصة قد تطغى على لون التغيير وروحه، وتعكس ضلالاً قاتماً بلون العهد البائد..! فالثورة لم تكن أبداً تحللاً من قيم الحوار والقبول بالآخر.. أو ضرباً من الغوغائية والإقصاء..! وما تمارسه بعض القوى السياسية المتعفنة برواسب القبلية والجهوية والتزمت الديني، لا يمت بصلة لروح الثورة.. وقد يلحق الضرر الفادح بمسارها بل قد يفرغ الثورة من محتواها إن لم يصبها في مقتل. هنا تبدو الحاجة للبحث عمن يحمي هذه الثورة، وهي مهمة ربما لن يستطيع التصدي لها اليوم سوى صنَّاعها وحماتها.. وهم شبابها الميامين الذين سالت دماؤهم في سبيل انتصارها وتحقيق بعض من أهدافها. [email protected]