المرشحان الرئاسيان في الانتخابات الرئاسية الأمريكية “اوباما ورومني” ينتميان إلى بيئتين اجتماعيتين وحياتين متناقضتين جذرياً، فالأول مكافح شق طريقه بمشقة مرصودة في سيرته الذاتية، وتزوج من مكافحة نظيرة له.. خارجة من معطف أُسرة زنجية فقيرة جداً.. وبالمقابل ولد رومني وفي فمه ملعقة من ذهب، بل إنه أنجز ملايين تجارته الأُولى وهو شاب فتي في مقتبل العمر، وما كان له أن ينجز ذلك لو أنه جاء من البيئة العامة للأمريكيين البسطاء. تذكرنا المعركة الرئاسية الأمريكية اليوم بتلك الرواية العقائدية اليسارية التي كتبها “جون شتاينبك” في ثلاثينيات القرن المنصرم، عندما قرن عناقيد العنب بالغضب، وكان العنوان (عناقيد الغضب)، وفيها كشف شتاينبك ما حاق بالمواطن الأمريكي بعد أن دمَّرت البورصة المالية والتجارية المتفلتة آماله في حياة كريمة، وما أشبه الليلة بالبارحة.. تالياً واستتباعاً تم طرد الملايين من بيئات عملهم وأرزاقهم، بمقابل التلويح بجنة قادمة في مزارع العنب التي كان يملكها كبار الملاك الجشعين، وحالما وصلوا إلى مزارع العنب الممتدة على مدى البصر وجدوا أنفسهم يعملون بنظام السخرة، وبما يسد رمقهم بالكاد. تلك هي الحقيقة الأمريكية التي استمرأت إعادة إنتاج رأسمالية القرن التاسع عشر المتوحشة بنسخة جديدة يبدو في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب، فاليمين القادم لا يعد الملايين بأكثر من عتبة جديدة من عتبات البؤس الشامل، ولا يعد العالم إلا بالمزيد من الحروب والخرائب. عودة إلى العنوان ومغزى السابع من نوفمبر، أود الإشارة إلى أن الأرقام تمثل قمة التطابق الغرائبي بين الصدفة والضرورة، بل تمثّل قيمة مجردة بذاتها، ويقول علماء الحسابات الرقمية إن الرقم السابع يمثل قمة الكمال .. لكن هذا الكمال قد يكون رحمانياً، وقد يكون شيطانياً، والله أعلم. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=461131380592609&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater