من المؤسف والمحزن حقا أن نسمع ونشاهد في كثير من الأحيان مبدعين يمنيين في مختلف المجالات تم اكتشافهم خارج حدود الوطن , والشواهد على ذلك عديدة في عدة مجالات كالطب والفن والاختراعات .. وهذا يدعونا للتساؤل هل نحن بيئة طاردة أو محبطة للمبدعدين وغير مشجعة على الإبداع ؟؟ لماذا لا يجد المبدع اليمني من يشجعه ويرعاه ويدعمه ويكرمه ويبرز ابداعه في وطنه ويجد كل ذلك عندما تتاح له الفرصة للسفر خارج حدود الوطن ؟ أين دور مؤسسات التعليم والثقافة والأجهزة الحكومية المختصة بالشباب والصناعة والتنمية والأحزاب والمنظمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني في بلادنا .. في دعم ورعاية وتشجيع الإبداع والمبدعين من أبناء وطننا الحبيب ؟ للأسف الشديد لا يتوقف الأمر في هذا الجانب عند موضوع دعم ورعاية وتشجيع المبدعين بل وصل الأمر في العديد من المؤسسات المعنية أساسا بدعم ورعاية الإبداع والمبدعين إلى حد محاربة الإبداع والمبدعين خوفا من عواقب التغيير الذي يمكن أن تحدثه عملية الإبداع والابتكار في هياكل وأداء هذه المؤسسات , وهو ما يهدد القيادات التقليدية والمحنطة في هذه المؤسسات بالرحيل والتلاشي، لأنها قيادات عاجزة عن مواكبه التغيير والتجديد والتطوير في أدائها وأفكارها وأساليب إدارتها وفقدت روح الإبداع والابتكار وبالتالي من الصعب على هذه القيادات أن تمنح لغيرها ما لا تملكه في نفسها لأن فاقد الشيء لا يعطيه . إن البيئه المحيطه بالمبدع تلعب دوراً موثراً في الابداع فهناك بيئه قاتله للابداع واخرى مفجرة له فوقت الحزن ليس كوقت الفرح ووقت القمع ليس كوقت الحرية وموسم الحصاد ليس كموسم الزرع ولن تحصد ابدا ما لم تكن بيئة الزرع صالحة لنمو البذرة اصلا. كما ان البيئة القاهرة للابداع ، البيئة القاتلة للكفاءة والمهارة والمقدرة ، قد تضعفُ ارادة المبدع احيانا كثيرة فيستسلم لقهر الظروف والأزمان ويدفنُ ابداعهُ ويئدُ وئدا مرا طاقاته ويصبح انسانا هامشيا بلا روح ، انسانا مستلبا يعلو روحه الغبار او صدأ السنيين ، انساناً يبحث عن لقمة يملأ بها جوفه ، انساناً يبحث عن اربع جدران ينعزل فيها عن الآخرين ، انساناً بعينين ، انساناً بطاقات معطله، انسان او ربما شبه انسان. انساناً يولد ثم يموت ويمضي عمره سدى . ان الإبداع اليوم وفي ظل مجتمع المعلومات واقتصاد المعرفة ، لم يعد ترفاً، بل أصبح شرطاً أساسياً من شروط بناء وتنمية المجتمع، والإبداع حالة عقلية بشرية تنحو لإيجاد أفكار أو طرق ووسائل غاية في الجدة والتفرد، بحيث تشكل إضافة حقيقية لمجموع النتاج الإنساني كما تكون ذات فائدة حقيقية على أرض الواقع إذا كان الموضوع يرتبط بموضوع تطبيقي أو أن يشكل تعبيراً جديداً وأسلوباً جديداً عن حالة ثقافية أو اجتماعية أو أدبية إذا كان الموضوع فلسفياً نقدياً أو أن يشكل تعبيراً ضمن شكل جديد وأسلوب جديد عن العواطف والمشاعر الإنسانية إذا كان الموضوع يتعلق بالنتاج الأدبي وأشكاله، وهو طاقة عقلية هائلة، فطرية في أساسها، اجتماعية في نمائها، مجتمعية إنسانية في انتمائها. وختاما يمكن القول بأن الإبداع بذرة مكنونة في كل القلوب ، اذا سقيت اورقت واثمرت ، ثمرا متنوعا فذلك يبدع فنا وهذا يبدع ادبا او علما وتلك تبدع في العمارة او الطب، ولكي تنمو بذرات الابداع ، فلابد ان تتهيأ البيئة المناسبة الحاضنه لها، والا فإنها الى ذبول وعدم، ولهذا فإن واجب المجتمع بشكل عام والمؤسسات التعليمية والشبابية بشكل خاص ان ترعى وتحتضن البذرات الابداعيه وتعمل بكل جهد على زيادة ثقة الانسان بنفسه وبقدراته ، وأن لا تكون او تكوّن بيئه محبطة، فما احوجنا اليوم الى الاستفادة من طاقاتنا البشرية المبدعة لمواجهة القضايا والمشكلات المختلفة، واقتراح الحلول البديلة للتعامل مع هذه القضايا من منظور إبداعي معاصر ومتجدد ، ضمن رؤى شاملة تنبثق من إحساس عميق بحجم التحديات الموجودة على الساحة . فهل آن الأوان لأن تصبح مؤسساتنا التعليمية والشبابية أرضاً خصبة تنمو وتترعرع فيها شجرة الإبداع والابتكار لتثمر العديد من المبدعين والمبتكرين الذين يسهمون بفاعلية في تحقيق التقدم والتطور والنمو لوطنهم ومجتمعاتهم. *أستاذ التسويق المساعد / جامعة تعز رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=461493057223108&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater