الحرب أول ماتكون فتية تسعى بزينتها لكل جهول حتى إذا استعرت وشبَّ ضرامها عادت عجوزا غير ذات خليل شمطاء جزت رأسها وتنكرت مكروهة للشم والتقبيل ! تلك هي الحرب وذاك هو مفهومها في مقاربة شاعر جاهلي، أول أمرها فتاة حسناء براقة وجذابة تسعى بجمالها ودلالها لكل جهول، ولكنها في استعارها وشدة اضطرامها تتحول إلى عجوز ليس ذلك فحسب، بل عجوز منطوية غير ذات خليل، شمطاء، مجزوزة الرأس ما من مطمع فيها لأحد “مكروهة للشم والتقبيل”. هكذا هي الحرب وهذه هي صورتها كما رسمها امرؤ القيس وحدد صفاتها القبيحة زيادة في بعث التقزز منها فما من شيء جميل فيها إلا انتهاؤها وقطع دابرها حتى وإن سال لعاب المتحاربين في بداية أمرها ولا ندري كيف كان سيصورها لو قدرت له حياة أو قدر له أن يبعث من رقدته الطويلة، ورأى هذا الخراب والدمار الذي تفعله الحرب بعد أن طور الإنسان آلتها التدميرية العنيفة ، لاندري ماذا كان سيقول لو شاهد سياسات الأرض المحروقة التي يتبعها نظام كنظام الأسد؛ إذ ليس هناك محرم أو ممنوع في قاموس الحرب لديه البشر كما الحجر، الأطفال، النساء، كبار السن، الحيوانات كلها مواد سخية لطائرات الميج ومدفعية الهاوزر والصواريخ ذات القدرة التدميرية العالية.. سوريا دمرت ما من أحد بمقدوره أن ينكر هذه الحقيقة، ودمشق لم تعد تستلقي كأغنية على ذراع شاعر كنزار ولا كنز أحلام أو مروحة .. الموت يوزع فيها وفي أخواتها من المدن الثائرة بالمجان وبسخاء شديد، لونها الدم، وهواؤها البارود، ووقودها شعب طيب خرج لنزع دثار العبودية الثقيل الذي جثم فوق صدره زمناً غير قصير؛ فكانت المعادلة واضحة إما أنا وإما إحراق البلد وتدميره فوق ساكنيه لاخيار ثالث.. ومع أن المنعطف الذي قدر للثورة السورية الدخول فيه كان منعطفاً مكلفاً إلا أنه لابد منه؛ لأن النكوص وإعلان فشل الثورة كان خياراً خاطئاً أيضاً ومكلفاً؛ لأن الانسحاب أمام آلة القمع للعصابات الحاكمة طبعا باعتبار ما كان يعني الجبن واستمرار النظام في سياسات التصفية وسرقة أحلام الثائرين في وطن أرادوا من خروجهم أن يكون حراً ومعبراً عن الشعب وتطلعاته. مكرهين إذن وضعوا أياديهم على الزناد..وأكذوبة كبرى تلك الشرعية التي يدعونها في القيام على مصالح سوريا وشعبها وإلا كيف نستطيع الجمع بين هذا الادعاء وماتفعله العصابات ذاتها من دمار لسوريا الأرض والإنسان من المؤكد أن عنفوان الثورة الهادر لن يقف حتى الإطاحة بالعصابة وربط أعناقهم إلى أسفل عمود في السارية!! رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=462211417151272&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater