الحوار الوطني الذي ينتصب كاستحقاق قهري لا مفر منه لم يعد اشتراكاً حاسماً لتنفيذ مرئيات المبادرة الخليجية فقط، بل إنه ضرورة حتمية لتسوية الدرب نحو زمن مغاير لزمن الأزمات والقلاقل ، وليس أمام فرقاء الساحة من مخرج مشرف للأزمة القائمة سوى الذهاب بعيداً للمشاركة الناجزة في هذا الحوار الحتمي. بالمعنى الإجرائي للكلمة يمكن القول بأن شركاء التوافق الوطني الناجم عن المبادرة الخليجية معنيون أكثر من غيرهم في تهيئة السبل لتوسيع دائرة المشاركة في الحوار، وعلى قاعدة الوحدة والتنوع .. هنالك حيث يتحول التنوع القائم في المجتمع إلى سبب حقيقي للتطور بدلاً من أن يكون سبباً لسياسات الكر والفر التي حولت عبقرية الخصوبة الحضارية إلى جدب ، وتنوع المجتمع إلى انحسار وافتقار لقيم المواطنة السوية ، والثراء الأفقي الشامل إلى بؤس وفقر باديين للعيان. الحوار الوطني يستهدف أساساً تجفيف منابع الظلم والقهر والمصادرة ، وتمتين قيم المواطنة بوصفها الترميز الأقصى للهوية، ومغادرة الدولة الشمولية المتخلفة إلى دولة اتحادية لامركزية تفتح الباب واسعاً للمشاركة ، وتمنح أقاليم البلاد الجغرافية القدرة الحقيقية على المساهمة النشطة في التنمية والتسيير، وتودع الفقر الكئيب، وما يرافقه من غنى فاجر، وسطو مسلح على النظام والقانون، بل الاعتداء السافر على الأعراف والعادات والتقاليد التاريخية الحميدة . الحوار الوطني يمثل ذروة الترجمة الحكيمة لآمال الجماهير اليمنية التي أبهرت العالم بسلميتها وتعاونها على مواجهة أصعب الساعات وأكثرها درامية .. تلك الجماهير التي قدمت نموذجاً فريداً للربيع العربي تستحق دولة عصرية مؤسسية تغادر سيئات الماضي ، وتتقدم على خطى دستور عصري تترجمه القوانين المحروسة بالشرعية ، وتصبح فيه المؤسسة الحكومية حامية الحمى ، وتتلاشى فيه المليشيات المسلحة لأمراء الحروب وملوك الطوائف المتدثرين زوراً وبهتاناً بالدين والقبيلة . الحوار الوطني مساحة للضياء والنور ، حيث لا خفاء ولا اختفاء ، حيث لا مخاتلة ولا تمرير ، ومن يرفض المشاركة في هذا المشروع الوطني الكبير محكوم بالذهاب إلى حيث ( حطت رحلها أم قشعم ) [email protected] رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=464836713555409&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater