لم يعد بالإمكان السكوت عن تلك الأعمال الخارجة عن القانون وذلك الإصرار العبثي الرامي إلى إقلاق السكينة العامة للمواطنين والإضرار بمصالح الناس واحتياجاتهم الأساسية وبث الرعب والخوف هنا أو هناك. فهاهي الأعمال الفوضوية تتسلل إلى حياتنا يوماً عن يوم وها هي المنغصات تقابلنا حيثما ذهبنا وأينما كنا.. منغصات ندرك جميعنا هدفها وهو إعاقة عملية التحول إلى دولة مدنية يسودها الأمن والعدل والاستقرار, بل وأذابت ما تحقق للمواطن بعد عام من التغيير من استقرار نفسي نسبي أعاد للوطن والمواطن أحلاماً كادت الفتن والاقتتال والتمزق أن تذهب بها أدراج الرياح عقاباً لكل من نشد حياة كريمة ووطن متطور. ومنذ تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية مروراً بانتخاب رئيساً توافقياً لقيادة الوطن إلى بر الأمان والبلد لم تزل أوضاعها مهددة بالانفجار وإن لم يكن ذلك فإنه التفتت الممنهج الذي صارت سياسة النفس الطويل منهجاً أساسياً يتخذها البعض لعرقلة أي جهد يتجه لبناء الدولة, وذلك من خلال قتل ووأد أي أمل بالمستقبل الذي تنشده قوى التغيير وينشده كل مواطن عرف آلام الصراع وتعذب بفقدان العدل والمساواة والأمان. وحتى اليوم وللأسف لم يزل أنين المواطن مستمراً فهاهي الظلمة تلفه يومياً جراء الاعتداء المتكرر لأبراج وخطوط الكهرباء, وهاهي التقطعات وقتل المواطنين تأتيه بالحزن والحسرة, وهاهي أعمال التخريب تستهدف خطوط نقل النفط والغاز وبشكل يومي أو أسبوعي كأفضل حالات الاستقرار.. وكل تلك الممارسات نجدها تزداد كلما اقتربنا من مؤتمر الحوار الوطني الشامل المؤمل منه إرساء أرضية مناسبة وصالحة لإخراج البلد من وضعها المحزن إلى بر الأمان.. أمان يبحث عنه المواطن بين أمواج الخلافات وعواصف المصالح وأعاصير التعصب والأنانية القاتلة. في الأيام الماضية احتفلنا بمرور عام على التغيير.. احتفال كان منقوصاً رغم ما تحقق على الواقع من نجاحات ولكنها كما يرى البعض لم تلامس احتياجات المواطن فمعاناته كثيرة وعذاباته عديدة لما يرى ويعيش من زوابع تجعل أنفاسه متلاحقة تبحث عن الصعداء, ذلك المواطن الذي أيد وقبل بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومنح ثقته للرئيس عبد ربه منصور هادي لقيادة البلد بات من المفترض أن ينعم بعد عام بشيء من الاستقرار دون خوف أو قلق أن ينام ليلة ويصبح في واقع يفتقر إلى أدنى الاحتياجات الضرورية. قد يكون هذا الطرح مفرحاً لمن أراد أن يصير الوضع إلى ما هو عليه من عدم الاستقرار وكثيراً ما نقرأ ذلك في عناوين أولئك الذين يذهبون بأعمالهم التخريبية إلى خلق مشاعر العداء والتذمر ضد الدولة والمبادرة الخليجية وكل الجهود التي أحتفي بها الواقع منذ توقيعها. ولذلك فإن مشاعر المواطنين وكل ما يختلج في نفوسهم يعلمون جيداً حجم المشاكل والعراقيل التي تحاول إعادة العجلة إلى المربع الأول المليء بالصراعات والمماحكات والاقتتال, ولكن وفي الوقت نفسه فإن المواطن تعيش فيه شيء من الحسرة أو الدهشة لتلك الأعمال التي ترغب وبشكل مقيت بتدمير الوطن وبنيته التحتية بكل جراءة وهدوء أعصاب وكأن فاعلوها والواقفين وراءها ليسوا أبناء هذا الوطن, ولم يشربوا من مائه أو يستظلوا بظله, وكيف لهم أن يتحولوا إلى أعداء له ولإخوانهم ولكل ما هو نافع لهم قبل غيرهم. وفي ذات السياق تنتاب المواطن في الجانب الآخر الدهشة من عدم قدرة الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية من بسط نفوذها في مناطق العنف والتخريب ولو بشكل نسبي يوحي للمواطن بأن هناك دولة تدافع عنه وتحمي ممتلكات الوطن والمواطن, فلم تمر يوم إلاًّ ونحن نسمع على اعتداء جديد يستهدف برج أو خط كهربائي ليغرق البلاد بالظلام, ولا يمر يوم أو أسبوع دون تفجير أنبوب نفط أو غاز, ولا تمر فترة إلاَ ونحن نفجع بقتل مواطن أو اغتيال مسئول أو قائد عسكري في الدولة.. وكل ذلك يحدث دون أن نجد أي إجراء قانوني ضد مرتكبي تلك الجرائم وتقديمهم للعدالة وإعلام المواطنين بحقيقة تلك الأفعال ومن يقف ورائها. كثير من الناس تتملكهم الحقيقة بأن الدولة وأجهزتها الأمنية والسياسية والعسكرية التنفيذية تعرف يقيناً من يقف وراء تلك الأعمال التخريبية والإجرامية ولكنها لسبب أو لآخر لا تستطيع القبض عليه أو محاسبته أو حتى الكشف عنه للرأي العام وإعلامه بحقيقة ما يجري.. أما الأغلبية من المواطنين فإنهم يعيشون حالة الصراع الداخلي وتتربع في دواخلهم الهواجس والشكوك حيال ما يجري من انتهاكات لحرمة البلد وممتلكات المواطن وأمنه واستقراره وحياته, متسائلاً في قرارات نفسه: أين الدولة التي أردناها ودعمناها بكل شيء حتى بأرواحنا, لماذا لم نسمع أو نشاهد متهماً أحيل إلى المحاسبة والمساءلة وما أكثر المتهمين ( المخربين ) في واقع اليوم وفي كل مكان, ولماذا تكتفي الدولة بإذاعة الأخبار التخريبية ولا تحرك ساكناً. المشكلة الأكثر قلقاً هي مسألة الذهاب إلى طاولة الحوار الوطني في ظل غياب شبه كامل – برأي الأغلبية من المواطنين- للدولة ككيان قوي يستطيع تنفيذ ما قد يتمخض من مؤتمر الحوار من قرارات واتفاقيات موجبة ولا مناص من عكسها على الواقع اليمني بكل تفاصيلها ومفرداتها, وهذا لا شك يستوجب فرض قوة الدولة بجعل هيبتها وقوتها وإلاَّ فكل ما سيخرج به مؤتمر الحوار فستذهبها المصالح الضيقة والأطماع المتمصلحة أدراج الرياح. إذن نحن ومعنا كل المواطنين منتظرين فرض هيبة الدولة على كل شبر من هذا الوطن, وقبل ذلك إشعار المواطن المغلوب على أمره والمغلوب من أمره أن للدولة وجود وقدرة على حمايته, وأن القانون الذي لا يشبه أبداً خيوط العنكبوت قادراً على محاسبة الخارجين على القانون أي كان, خاصة وأن كل فرد في هذا الوطن بات مدركاً وواعياً لكل ما يجري وهو ما سيمكنه من الدفاع عن مكتسباته الثورية ولن يرضى غير الدولة المدنية الحديثة بديلاً. رسالتنا للقيادة السياسية ممثلة بالأخ رئيس الجمهورية هادي وحكومة الوفاق الوطني السعي بقوة وثقة إلى تحقيق أهداف ثورة الشباب والإجابة على أسئلة الموطنين وإزالة الغشاوة من عيونهم والغمة من قلوبهم والخوف على مستقبلهم ونحن على يقين بحكمتكم يافخامة الرئيس وقدرتكم على البناء ونبذكم للهدم. والله الموفق..!! رابط المقال على الفيس بوك