الجميع في هذا الوطن يعي يقيناً أن القضايا والمشاكل بكل صعوباتها وتعقيداتها-لا يحلها إلاّ قبول اليمنيين - مواطنين وأحزاباً وقوى سياسية وشخصيات اجتماعية اعتبارية منظمات مجتمع مدني- بالحوار الحقيقي ينبغي ان تتجذر وتترسخ في حياتهم ليس السياسية فحسب ، بل في كافة مناحيها العامة والخاصة.. في علاقتهم اليومية وصولاً الى اعتبار أن الحوار يصبح ثقافةً وقيمةً عليا من خلاله يعيدون صياغة منظومة جديدة لبنية الدولة والمجتمع مؤسسة على المواطنة المتساوية، وبما يمكن هذا البلد الخلاص من كل نزعات ونعرات وامراض الماضي، والانتقال الى مرحلة نتجاوز بها قطعياً العصوبيات القبلية والمناطقية والطائفية والمذهبية إلى يمن قولاً وفعلاً.. صدقاً وعدلاً لكل ابنائه لا مكان فيه للإقصاء والتهميش والفساد والمحسوبية والشللية والولاءات الضيقة والحسابات الخاصة التي بسببها احاقت بنا الويلات من صراعات وحروب ودمار وخراب، وجرعتنا مرارات المعاناة الشاملة في مجمل أوضاعنا السياسية والاقتصادية والأمنية وحان الوقت للاستفادة من دروسها واستيعابها على نحو إيجابي يجعل منها مصدر قوة لا انكسار وضعف حتى نحقق الانطلاقة الى الأمام من قاعدة الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية المجسد فيها الانتماء الحقيقي بمعناه الروحي المحسوس والمادي الملموس المتجلية تعبيراته في النماء والتطور والتقدم والبناء ليمن جديد لجيل الحاضر وجيل المستقبل. هذا هو سياق الحوار الذي يتحدث ويدعو إليه الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية.. مشدداً انه سيكون حواراً يشمل كافة أبناء اليمن من أقصاه الى أقصاه.. من المهرة الى صعدة يتاح فيه لكل اليمنيين التعبير عن أنفسهم وهمومهم ومشاكلهم وقضاياهم بدون خطوط حمراء في عملية سياسية هادفة الى الارتقاء باليمن الى مستوى متجاوز صاعد الى ذُرى الرقي والإزدهار. وحتى لا نكون رومانسيين وحالمين ومغيبين عن واقعنا لابد من التأكيد على ان هناك معضلات وصعوبات وتحديات وأخطاراً جدية تقف في طريق الحوار الذي ننشده على صعيد الوضع السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني، وعلى الجميع أن يقف وقفة رجل واحد إلى جانب الأخ رئيس الجمهورية الذي يعمل بصبر وجد وحكمة لتهيئة الأجواء والمناخات الملائمة لحوار يتمكن فيه المتحاورون من طرح قضاياهم دون خوف او خشية أو اعتبارات لحسابات ضيقة، ومحاذير تجعل البعض يلجأ الى تكتيكات ومناورات تفتح من جديد باب المكايدات والمناكفات واللعب بأوراق التمترس خلف مواقف لم يعد الوطن والشعب يحتمل المزيد منها فلا مجال هذه المرة لحوار الحلقة المفرغة او العودة الى المربع الأول، لان في ذلك الكارثة التي ستذهب باليمن واليمنيين الى الفوضى والفرقة والتشظي والصراعات التي ستغرقنا في مستنقعاتها العفنة، التي لن ينجو منها أحد. ولكي نتجنب هذا المسار المدمر علينا ان نسلك درب الحوار الجدي المسؤول الحريص الذي تناقش فيه القضايا والموضوعات دون تحفظ، وبصدق وشفافية حتى نتمكن من الخروج بأفضل الحلول والمعالجات المستوعب فيها مصالح الجميع في إطار توافق واتفاق يجدد فيه شكل الدولة اليمنية ومؤسساتها الديمقراطية الحديثة التي يسودها النظام والقانون والمواطنة المتساوية.