التسوية السياسية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي قبل بها اليمنيون لأنهم وجدوا فيها المخرج والحل لكل تعقيدات قضايا أزماتهم المتراكمة والمزمنة.. مدركين ومستوعبين أن توافقهم واتفاقهم لا يعني أن طريقها ستكون مفروشة بالورود، بل سيواجهون صعوبات وتحديات موضوعية وذاتية كثيرة وكبيرة، عليهم اجتياز عوائقها وفي الصدارة: القضية الجنوبية، من خلال الاستعداد لتقديم التنازلات التي تعلي مصالح اليمن العليا ووحدته وأمنه واستقراره على المصالح الأنانية الضيقة حتى يتمكن شعبنا من بناء حاضره ومستقبله الخالي من الصراعات والحروب التي نجم عنها إعاقة قيام الدولة الوطنية المدنية التي يتطلعون إليها طوال خمسة عقود والآن هاهي الفرصة التاريخية قد أتتهم لتحقيق هذه الغاية وعليهم أن يحولوها إلى مشروع تشييد صروح ليمن جديد ينعم كافة أبنائه في ظل دولتهم القادرة القوية العادلة بالمواطنة المتساوية.. وهنا لابد من إعادة التأكيد أن من بين المعضلات التي تشكل اختباراً حقيقياً لحكمة اليمنيين هي القضية الجنوبية لذا كان منذ انطلاقة مؤتمر الحوار الوطني هناك إجماع ان القضية الجنوبية هي القضية الأساسية والرئيسية المرتبطة بنجاح الحوار بحلها بصورة معها تنتهي كل ما حاق بأبناء الجنوب من ظلم وضيم وإقصاء وتهميش.. حلاً تتجسد فيه الشراكة في السلطة والثروة بين اليمنيين جميعاً الذين يتوجب عليهم وفي طليعتهم: المشاركون في مؤتمر الحوار الوطني، العمل بجدية وبذل الجهود الصادقة والمسؤولة والحريصة كل الحرص على الخروج بنتائج تجسد-عن توافق- فهماً واعياً بأهمية حل القضية الجنوبية، حلاً منبثقاً من إحاطته بمجمل العوامل والأسباب التي أدت إلى استفحال هذه القضية على هذا النحو الذي أصبحت معه حلول القضايا الأخرى المطروحة على طاولة الحوار مرهونة بها.. لنتمكن من إرساء مداميك نظام سياسي ديمقراطي مصاغ بعقد اجتماعي يكون تعبيراً مكثفاً عن تلاقي مصالح شعبنا، محققاً لآمالهم وطموحاتهم في إيجاد دولة النظام والقانون.. دولة الحكم الرشيد الذي لا وجود فيه لظالم أو مظلوم.. الجميع متساوون في الحقوق والواجبات.. عندها فقط ستسود المجتمع المحبة والوئام القائم على الشعور القوي بالمواطنة المتساوية والاحساس العالي أن بناء اليمن ينبغي أن يشارك فيه كافة أبنائه ونأسياً على هكذا رؤية يضعون رداً مشرقاً لهم ولأجيالهم القادمة، في هذا السياق نجدد الدعوة لإغلاق صفحات الماضي بكل أخطائها ومآسيها ومساوئها والعودة إليها لا يكون إلا لاستيعاب الدورس وأخذ العبر حتى لا تتكرر في تاريخنا الآتي المفعم بالأمل لسنابل العطاء والخير.. إن ما يضاعف التفاؤل هو تزامن تهيئة بلادنا لاختتام مؤتمر الحوار الوطني مع أعياد الثورة اليمنية سبتمبر العيد الحادي والخمسين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر التي انطلقت ضد التخلف والطغيان الإمامي.. واليوبيل الذهبي لثورة الرابع عشر من أكتوبر التحررية ضد الاستعمار وعسفه وجبروته وهما مناسبتان خالدتان وعظيمتان يتوجب علينا وفاءً للتضحيات التي قدمت في سبيل انتصارها من أبناء شعبنا، إنجاح مؤتمر الحوار الوطني الذي بنجاحه تتجلى المعاني والمضامين الحقيقية لأهدافهما المجسدة في يمن جديد موحد حر وسعيد.. وهكذا يكون نجاح الحوار الوطني نجاحاً للوطن والشعب.