نجاح مؤتمر الحوار الوطني هو الخيار الوحيد أمام اليمنيين ولا خيار سواه ان أرادوا النجاة بأنفسهم ووطنهم من محنة الفتن ودوامة الصراعات والاحتراب والعنف والارهاب، وهذا يتطلب مغادرة الماضي بكافة تراكماته التي أفرزتها النزعات والنعرات المناطقية والمذهبية والقبلية وما ارتبط بها من فساد وظلم وإقصاء وتهميش وولاءات ضيقة عصبوية حزبية وشللية وشخصية ناتجة عن حسابات ضيقة وخاطئة كاد التمترس خلفها أن يؤدي بالوطن والشعب الى مهاوي وهاد كارثة ماحقة لولا حكمة أبنائه وصبر وحنكة الاخ المناضل عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في قيادة هذه المرحلة الصعبة والدقيقة والحساسة من تاريخنا الوطني المعاصر ووقوف الأشقاء والأصدقاء داعمين ومساندين إلى جانبه، وعلى ذلك النحو الذي جسدته التسوية السياسية للمبادرة الخليجية التي تمكنا في سياق تنفيذها من تحقيق نجاحات تخطت بنا حافة الانزلاق الكارثي.. فاتحة آفاقاً رحبة واسعة لإيصال اليمن إلى شواطئ السلامة وبر الأمان والاستقرار والتنمية وتشييد صروح بناء دولة الحكم الرشيد القادرة العادلة.. دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية التي ناضل من أجلها شعبنا، وقدم في سبيلها تضحيات جساماً طيلة خمسة عقود من زمن الثورة والجمهورية والوحدة لكنها ظلت حلماً وأملاً توهج ضوؤه- بعد ان كاد يخبو- بالثورة الشبابية الشعبية السلمية التي أثمرت قناعة ويقيناً بأن الطريق الصحيح للانتصار على التحديات والمخاطر لا يكون إلاّ بالتوافق والاتفاق على بناء يمن جديد يشارك في صنعه كل اليمنيين من خلال حوار جاد صادق وشفاف.. ويمكننا القول أنه بإقرار حكومة الوفاق الوطني أمس الاعتذار لأبناء المحافظات الجنوبية والشرقية وأبناء محافظة صعدة تكون كل السبل قد تهيأت للمصالحة الوطنية الشاملة وتعبيد الطريق امام توفير كل ضمانات النجاح الذي نشارف على انجازه ببلوغ الاهداف والغايات المنشودة التي ينتظرها شعبنا وأشقاؤه والمجتمع الدولي المستوعب لحقيقة ان أمن واستقرار ووحدة اليمن بقدر ما هي مصلحة وطنية يمنية ضرورية وهامة- هي بذات القدر مصلحة إقليمية ودولية، وهذا ما عبر عنه توافق القوى العالمية بصورة لم تتكرر تجاه أزمة أخرى في أية دولة من دول المنطقة، لان اليمن يتميز بخصوصية جيوسياسية تتلاقى وتتقاطع عندها إيجابياً خطوط المصالح الحيوية للعالم إضافة إلى الأرضية التي أوجدتها استجابة اليمنيين لحل قضايا أزمتهم بالعقل والحكمة والمنطق الحواري الديمقراطي السلمي.. من اجل ذلك علينا ان نستوعب في هذا البلد الطيب المبارك- مواطنين ومكونات اجتماعية وأطرافاً سياسية وحزبية ومنظمات مجتمع مدني- اننا نقف اليوم على أعتاب عهد جديد توفرت لنا فيه كل الظروف والمعطيات الداخلية والخارجية لنصنعه بأيدينا استفادة ليس فقط مما مر ويمر به الوطن من محن وأزمات واوضاع صعبة بل يتوجب أن ننظر إلى ما حولنا من مآسي الحروب لنعرف اننا نمضي في مسار صائب وسليم، وعلينا أن نكمله حتى النهاية لنكون في مستوى المسؤولية التي سيحاسبنا عليها الله والتاريخ والأجيال القادمة لاسيما وأن ما أنجزناه وحققناه خلال الفترة المنصرمة من نجاحات كبرى على صعيد التسوية السياسية والحوار الوطني أعادت لشعبنا التفاؤل والأمل حاملة معها بشائر الخير في الغد المشرف المعززة بثقة المجتمع الدولي الداعم والمساند لإرادة اليمنيين في التغيير الذي يجعل من التسوية السياسية تجربة أنموذجية يحتذى بها في حل ازمات شعوب ودول اخرى أرقتها دوامة الصراعات والحروب.. وهكذا بنجاحنا قد أثبتنا اننا شعب حضاري عريق, وهذا هو بالضبط ما يضاعف مسؤولية اليمنيين بصفة عامة والنخب السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية بصفة خاصة في صنع الحاضر والمستقبل.!!