رصين.. صادق وشفاف.. عميق المعاني.. بليغ الدلالات كان خطاب الأخ المناضل عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية الموجه إلى أبناء شعبنا في الداخل والخارج بمناسبة العيد ال46 للاستقلال المجيد ال30 من نوفمبر 1967م، وتتجلى أهميته لما حمله من دعوات لتمثل الروح الوطنية اليمنية الوحدوية لمناضلي ثورة ال14 من أكتوبر التحررية، والتي بها استطاعوا هزيمة أقوى وأكبر امبراطورية استعمارية.. محققين للشعب اليمني الاستقلال الناجز، بل وتوحيد فسيفساء الدويلات والكيانات التي اعتمد عليها المستعمر في بقائه جاثماً على الأرض والإنسان في ذلك النطاق الجغرافي من الوطن طيلة «129» عاماً على طريق توحيد اليمن..لكن حينها حالت أوضاع وظروف ذاتية وموضوعية دون إنجاز هذا الهدف التاريخي لشعبنا وحركته الوطنية.. هذا هو السياق الذي تحدث به الأخ الرئيس لليمنيين جميعاً.. مبيناً أن هذه المناسبة الوطنية العظيمة تأتي هذا العام والوطن يقف على أعتاب مرحلة مفصلية من تاريخه المعاصر، تجعل التعبير الاحتفالي الفرائحي محطة للتوقف واستعادة الوعي لإدراك أن تضحيات المناضلين ودماء الشهداء التي قدمت كانت تجسد إيماناً بأن الوطن بعد استعادة حريته سوف يتوحد ويبني يمناً تسوده العدالة الاجتماعية ويتساوى في ظل دولة النظام والقانون أبناؤه دونما إقصاء أو تهميش لينعم جميعهم بخيراته وعطاءاته التي لم تكن دون شك بالصورة المتناسبة مع ما كان مرتسماً في عقولهم وهم يخوضون كفاحهم، ونعني بهذا أن اليمن طوال الخمسة العقود الماضية واجه تحديات أحداثها جعلته يمر بمنعطفات وإنحدارات حادة راكمت أخطاء تحولت إلى أزمات، وهاهي الفرصة التاريخية قد جاءت لنا كيمنيين -مواطنين وقوى سياسية وحزبية- لحلها ومعالجتها وتجاوزها إلى بناء يمن موحد ديمقراطي يرتكز على الحكم الرشيد للدولة المدنية المنشودة التي لا أحد فيها فوق القانون، فكافة أبناؤها لهم حقوق وعليهم واجبات وهم معاً يتحملون مسؤولية نهوضه وبنائه وتطوره وتقدمه وازدهاره.. وهذا هو ما يجب الخروج به من مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ولا يحق لأيٍ كان بدواعي مصالحه الأنانية، التعاطي بانتهازية مع القضايا المصيرية لشعبنا جنوباً وشمالاً شرقاً وغرباً، لاسيما قضية وحدته، مع فهمنا أن الوحدة ليست كلمة نتغنى بها وإنما يجب أن تكون حاملة مشروع دولة المواطنة المتساوية، وبالتالي ينبغي التسريع بتصحيح مسارها من خلال عمل جدي يعيد الحق إلى نصابه لكل من أحيق به ضيماً أو ظلماً خلال الفترة السابقة منذ إعادة تحقيقها في ال22 من مايو 1990م، وحتى اليوم، وبهكذا إنصاف تتراجع ثقافة الكراهية التي أججها الفساد والاستئثار بالسلطة والثروة لصالح ثقافة المحبة والتصالح والتسامح.. وهذا هو بالضبط ما أراد الأخ رئيس الجمهورية إيصاله لكل اليمنيين في مضامين خطابه عشية ال30 من نوفمبر المجيد، ليتفرغوا في بناء وطنهم ودولتهم وفقاً لما توافقوا عليه في حوارهم الوطني، وفي هذا تكمن المصلحة الحقيقية لهم جميعاً ليكونوا في مستوى المسؤولية أمام جيل الحاضر والأجيال القادمة.