العيد الخامس والأربعون للاستقلال عظمته تكمن في ما يمثله يوم ال30 من نوفمبر 1967م من أهمية في تاريخ اليمن المعاصر، خاصةً إذا ما نظرنا إليه من خلال الاحداث التي سبقته، والاحداث التي مر بها اليمن في المراحل اللاحقة لهذا الانتصار العظيم على إمبراطورية طالما تباهت وتفاخرت بكون الشمس لا تغيب عنها، فنكس رأسها بهزيمة حققها شعب اعتقدت انها قد كبلته ومزقته باتفاقياتها الحمائية غير مدركة أن الشعب ليس أولئك الذين توهمت أنها قد سيطرت وأمنت وأبدت احتلالها واستعمارها لجنوب اليمن، وخاصةً عدن بموقعها الجيوبولوتيكي الحيوي الاستراتيجي، جنوب البحر الاحمر، وقناة السويس، لكن أبناء اليمن وطلائعهم المناضلة قد وعوا حقيقة أن أزمنة القهر والعنف والتجبر يجب أن تزول مهما كانت التضحيات، وعظمت المخاطر التي لم يلتفتوا لها أو يبالوا بها، وهم يخوضون معركتهم في سبيل عزة وكرامة وحرية واستقلال وطنهم. إن أربعة عقود ونصف قد مرت على ذلك اليوم المجيد ال30 من نوفمبر، ورغم التحديات والصعوبات وما ارتبط بمراحلها من منعطفات حادة، الا ان هذه المناسبة تتجدد وتزداد بهاءً وألقاً في العقل والوجدان الوطني اليمني، لأن القضية التي ناضل وكافح وضحى وقدم شعبنا اليمني من أجلها كل غالٍ وثمين هي قضية عظيمة عادلة ونبيلة، ويكون بهذا المعنى ال30 من نوفمبر هو التعبير المكثف لروح شعب حضاري عريق لا يقبل الظلم ولا الضيم والقهر الذي قاومه من أول يوم وطأت فيه قدم المستعمر وحتى يوم إجباره على الرحيل يجر أذيال هزيمته أمام إرادة شعبنا اليمني الذي يصمد في مواجهة العواصف والاعاصير ليخرج منها أكثر قوةً وصلابةً وشموخاً. صحيح أن الثورة اليمنية التحررية 14أكتوبر لا يمكن الحديث عن انتصارها بمعزل عن الظروف الموضوعية الوطنية والاقليمية والدولية، فهي جزء من حركة التحرر القومية والعالمية، لكن أيضاً كان العامل الذاتي حاسماً فيها واكتسب انتصارها على أيدي أولئك الشباب الذين اجترحوا المآثر وسطروا أروع الملاحم، كانوا واعين بمهمتهم الرئيسة. وهي إنهاء حالة التشظي الذي كان يعيشه جنوب اليمن إلى تكوينات قزمية في أكثر من 22سلطنة ومشيخة وإمارة، فكانت مهمتهم وهم يخوضون الحرب ضد المستعمر يخوضون أيضاً مع القوى التابعة للمستعمر وركائزه العملية حرباً في سبيل الوصول إلى يوم الاستقلال،وقد وحدوا تلك التكوينات في دولة واحدة، وهذا ما يجعل النضال الذي خاضه أولئك الأبطال يكتسب طابعاً متميزاً واستثنائياً في حركة التحرر العربي.. ومن هنا فإن ال30 من نوفمبر سيبقى يوماً متجدداً في الذاكرة الوطنية اليمنية تستلهم منه الأجيال روح التحدي والانتصار في مواجهة استحقاقات الحاضر والمستقبل، لا سيما في ظل الأوضاع الراهنة التي يعيشها الوطن في فترة من أصعب وأعقد الفترات التاريخية المعاصرة.. لذا فإن استحضارنا لهذه المرحلة لتجاوز ما نحن فيه والانطلاق إلى آفاق الغد والوطن والشعب موحداً وديمقراطياً.. آمناً ومستقراً ومزدهراً.