سلاح ذو حدين، إذ يعد مطلباً حيوياً للإنسان وسائر الكائنات الحية، ويكون سبباً رئيساً في إنهاء الحياة على الأرض بسبب تلوثه.. إنه ماء الشرب الذي لم يقدر حقه هذا الإنسان وأساء استخدامه ولوثه بشتى أنواع السموم والملوثات، ولم يعد للوعي الإنساني مكان يذكر. كيف لا؟ والأمراض والأوبئة في تزايد مستمر في الريف والحضر وخاصة في محافظة تعز الحالمة بغدٍ صحي وأفضل ومياه شرب نقية. يخبرني أحد الأخوة الموظفين في إحدى الجمعيات الخيرية بتعز بأن العدد الذي يأتي إليهم هذا العام فاق كل التوقعات ، وأتى أناس ما بين رجال ونساء وأطفال إلى جمعيتهم يشكون الأمراض المزمنة والمستعصية ناهيك عن طلب شراء الأدوية وعمل عمليات جراحية في اليمن وخارج اليمن، وعندما سألته ما سبب ذلك التزايد؟ قال والحسرة والألم تسبقان حديثه: سبب ذلك كله تلوث مياه الشرب في محافظة تعز، حيث حسب قوله الأواني التي شاهدها ويشرب منها الناس ممتلئة بالملوثات والأتربة ولا يوجد بأيدي الناس حيلة إلا الشرب منها بعد تعبئتها من مصادر المياه دون تنقية أو تحليل الأمر الذي أصاب عدداً من الناس بشتى أنواع الحمى والالتهابات في الكبد أو الكلى، وما أكثرهم المصابين بالفشل الكلوي، إضافة إلى الأورام والسرطانات التي تميت البشر مخلفة أيتاماً وأرامل لا حول لهم ولا قوة إلا بالله تعالى ثم فاعلي الخير. وإذا كانت إحصاءات الأممالمتحدة للبيئة تقول: إن أكثر من مليار ونصف المليار من البشر يعتمدون على المياه الجوفية لتلبية احتياجاتهم من المياه العذبة، وتشير التقارير إلى وجود أكثر من(800) مادة كيميائية في إمدادات مياه الشرب عالمياً ، بما في ذلك المبيدات الحشرية والمضادات الحيوية والنترات التي تتفاعل مع مواد كيميائية أخرى لتكوين مركبات تسبب الأورام والسرطانات.. فإن مياه الشرب في تعز أصبحت كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى لأن المياه التي تجلب من الآبار الجوفية لا تخضع للرقابة الصحية أو التنقية والتحليل وخاصة في الأرياف، الأمر الذي يستقبله الأهالي في القرى ببرود وغبطة دون علم أنها تحمل لهم السم الزعاف. هذا من جهة ومن جهة أخرى لا توجد في محافظة تعز محطة لتحلية مياه الشرب بالرغم من التوجيهات والأوامر لحل مشكلة المياه في تعز لكنها تصبح حبراً على ورق وتمسي كالسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً فإذا جاءه لم يجد شيئاً. ومن جهة ثالثة قل الوعي الإنساني بمعرفة مخاطر مياه الشرب الملوثة، الأمر الذي يجلب الأمراض الفتاكة التي تميت الإنسان في لحظة ما أو تميته موتاً بطيئاً، والأمثلة كثيرة ومعلومة والتي توضح أنواع ملوثات المياه العذبة وخاصة الطبيعية أو الكيميائية كدرجات الحرارة العالية أو مياه الصرف الصحي والتسربات النفطية والمخلفات الزراعية وغيرها التي لا يتسع المقام للتفصيل فيها أكثر.. خلاصة القول: مياه الشرب في تعز تناشد كل الغيورين على هذا الوطن وكل من تحمل مسئولية أبناء وبنات هذا الوطن أن يتقوا الله في تعز ومائها وخاصة مياه الشرب فيها ويعجلوا في عمل محطات التحلية وإنقاذ من تبقى من أبناء وبنات تعز وإنقاذ رجال ونساء تعز من الوقوع في براثن التلوث الذي لا يرحم صغيراً ولا كبيراً، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك