المتن: قال شاعر الجاهلية عنترة بن شداد العبسي في أشياخ ((القبيلة)) المتمصلحة: ينادونني في السِّلْم يابن زبيبةٍ وعند صدام الخيل ياابن الأطايبِ وقال جاهل الشاعرية عنترة بن شرمان التعزِّي في أقلام ((المدنيَّة)) المُفَكَرْبِطَة (1) التي بدأت اليوم تتغنى ب (تعز وثقافة تعز) من منظور مناطقي صارخ, مفاده (خليكم معانا يا أصحاب تعز أحسن لكم .. لا تخافوا الترحيل, فنحن أحقّ بكم منهم) .. هكذا يفكرون, وقد غاب عن بالهم أن (تعز) لا يمكن اختزالها في رقعة جغرافية تقع في المنتصف, ولن تكون مجال استقطاب لأيٍ كان, وإنما هي مشروع وطني كبير يمتد في مساحة قدرها 555000 كيلومتر مربع, اسمه اليمن بجهاته الأربع, فتعز هي اليمن واليمن هي تعز.. وأياً كانت مرامي هؤلاء المناطقيين؛ فالمهم أن جاهل الشاعرية - غفر الله له - قال فيهم مشنِّعًا وموبِّخًا على لسان كل تعزِّيّ: ينادونني: “دحباش” في كلِّ مَحْفلٍ وعند “الحوار” الجِدِّ: ياابنَ الأقارب وكم قد رموني بالجهالةِ حتّى أتى اليوم كي أغدو رفيع المَنَاقِبِ فقد حزتُ إقرارًا بأنِّيَ حَقًا خَبِيرَ ثقافاتٍ وخيرَ مُحارِبِ وقال فيهم أيضًا عفا الله عنه: سمعت ذئابًا تنادي: تَعِزُّ نداءً لما في الحشا يستفزُّ أحاديثُ فيها التصاغرُ دومًا وحظّ المبادئِ نَحْرٌ وحَزُّ فما كان أحَرَاهمُ لو تساموا عن الكرْهِ والحقْدِ يوماً وعزُّوا وأما “تَعِزُّ” فكل رُباها سلامٌ وحبٌّ ووردٌ ولوزُ (2) ودومًا تُساندُ صونَ الحقوقِ وإن الضعيف لديها أعزُّ الهامش: (1) قال الشرمانستاني في كتاب (النَّحْل والنِّحَل والمَلَل والمِلَل): المُفَكَرْبِطَة: نسبة إلى الفَكَرْبَطِيَّة وهي جماعة (فك الارتباط) التي يتزعمها علي بن سالم الفُكُرْبُطِي, ووهم بعضهم أن هذا الرجل هو نفسه علي بن الفضل القرمطي, وليس الأمر كذلك, فالقرمطي ظهر في القرن الثالث الهجري وتوفي عام 303ه بينما الفُكُرْبُطِي معاصر ولا يزال حيًا, وجماعته “الفَكَرْبَطِيَّة” إحدى الطوائف الأربع المعروفة في “القضية الجنوبية”, وهي: الفيدرالية والاندماجية والفكربطية والمعتزلة, وتحت هذه الفصائل تنضوي جماعات وفرق, فهناك الفيدرالية الشطرية (وهي فكربطية مقنَّعة), والفيدرالية المثلّثة (تطالب بثلاثة أقاليم) والفيدرالية المربِّعة (تطالب بأربعة أقاليم), والفيدرالية المخمِّسة (تطالب بخمسة أقاليم) وهناك الفيدرالية المخالفية (تطالب بالفدرلة على نظام المخاليف كما كان وضع اليمن قبل الإسلام وفي عصوره الأولى) والفكربطية منها: الفكربطية الحراكية (نسبةً إلى الحراك) والفكربطية الخمينية (نسبةً إلى إيران) والفكربطية الحوثية (نسبةً إلى عبد الملك الحوثي), والاندماجية هي جماعة الوحدة الاندماجية ومنها الاندماجية المنتفعة (نسبة إلى المنتفعين من الوحدة التي هي قائمة اليوم), ومنها الاندماجية الثورية (نسبةً إلى النخب والجماهير المطالبة بدولة موحدة على أساس العدل والإنصاف), وأما المعتزلة فهي الصامتة وهي على فرقتين, المعتزلة النخبوية (نسبةً إلى قيادات ونخب تدرك ما وقعت فيها الوحدة من أخطاء ولكنها تركت الساحة نهائيًا ولزمت البيوت) والمعتزلة الشعبية (نسبةً إلى الجماهير الصامتة التي تكابد أخطاء الوحدة, ولكنها مشغولة بالبحث عن لقمة عيش كريمة). ملاحظة: أسمى الشهرستاني كتابه المتخصص في الفرق الإسلامية كتاب (الملل والنحل) وقد حاكيناه وأسمينا كتابنا المتخيَّل (النَّحْل والنِّحَل والمَلَل والمِلَل)؛ وليس ذلك إلا لأن النَّحْل في اللغة هو الكذب, والنِّحَل هي الآراء الباطلة, والباطل والكذب السياسي كثير في هذه الأيام .. والمَلَل هو السأم, وهو أكبر قوة شعورية مسيطرة في هذا الواقع الرديء .. والمِلَل هي الفرق العقائدية, وما أكثر الفرق والمذاهب والتيارات المتصارعة في يمن اليوم, بل وما أكثر عقائد الإقصاء والتهميش وحب السيطرة على الآخر في هذه الأيام. (2) هذا افتراء منّي أو إنه تعبير مجازي عن جماليات التكوين الثقافي والحضاري التعزِّي, فتعز لا تعرف زراعة اللوز, فضلاً عن أهلها لا يحسنون تمييز جيده من رديئه, وكل ما تحسنه تعز هو زراعة القات ابتداءً بصبر ومرورًا بماوية وشرعب وانتهاءً بورزان ومناطق البن والذرة في الحجرية, والفضل كل الفضل للميزانيات السنوية التي تنفق على الجهات المعنية بتطوير الزراعة في تعز, فجهودها مشكورة, ألستَ ترى حقول القات تغطي المساحات الشاسعة, وحولها حفارات الآبار العشوائية تعمل ليل نهار؟!, فإلى الأمام, إلى الأمام, كما قال معمّر القذافي. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك