2-1 كان الرئيس الأمريكي بوش الابن مولعاً بمتابعة المؤتمرات الصحفية لوزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف، تماماً كما كان ولعي بمتابعة وتصريحات الرئيس السابق، في كل مرة كان يبدو الرئيس بوش مندهشاً من تخريجات الصحاف، والسخرية من انتصارات أمريكا، رغم الضربات الموجعة التي تلقاها جيش العراق ونظام صدام، وهذا النجاح هو ما جعل شركة غربية تبيع 5 ملايين فنيلة عليها صورة الصحاف، فيما لو رسمت صورة صالح على “الفنايل” لن تباع إلا لتحرق في ساحات الغضب. منذ إشراق ثورة التغيير في فبراير 2011، وأنا أرصد وأتابع كل خطابات وتصريحات صالح، وفي كل مرة أجده ينبش الويلات عليه، ويجيّش كل شيء جميل ضده، ويقدم نفسه بصورة سيئة ومراوغة، وسطحية. حتى عندما سُئل عن “مسيرة الحياة” وقتها قال بخفته المعهودة: “قوامها بين 2000 إلى 2500 شخص، ودفعوا لكل واحد 100 ألف ريال”، فيما كانت فضائيات العالم تعرض “مسيرة الحياة” على مشارف صنعاء، وتعدادها يفوق نصف مليون ثائر، جاءوا لإيصال رسائل الصبر والعزيمة والسلمية والتضحية في سبيل الخلاص، وتحرير كل اليمن من كل الفساد، وكانوا كلما مروا بمدينة انضم إليهم المئات من أبنائها. علي صالح حاول كسر رؤوس أبناء تعز، فتحدته أقدامهم، وصعدت حافية إلى صنعاء، حيث مقر قصره وحكمه وحرسه، وكان لمسيرتهم نجاح استثنائي في فضح قبح النظام، وللعالم أن يتصور شباباً يقطعون قرابة 300 كلم مشياً على الأقدام، وفي كل منطقة يُستقبلون بكل حفاوة وترحاب، وحين يصلون مشارف عاصمتهم يستقبلهم نظام علي صالح بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع والهراوات، والقمع العنيف والاختطاف، مستخدماً كل إمكانيات الحرس الجمهوري والأمن المركزي... خرجوا جميعهم يواجهون شباباً تعرت صدورهم، وشابات تمزقت أحذيتهن في طريق الخلاص. في 20 ديسمبر الماضي انطلقت “مسيرة الحياة” من تعز الحرية، وأي عزيمة وإرادة تسلح بها شباب “المسيرة”، وهم يقطعون مشياً على الأقدام كل الطريق الرابط بين تعز الساحلية، وصنعاء الجبلية، المرتفعة عن سطح البحر 2200 متر.. منظر قدم شاب تعزي على “الفيس بوك”، كانت عنواناً لغدنا المنتظر، لدولتنا المنشودة، لحلمنا الذي لم يكتمل، كانت القدم تبدو متقرحة الجلد، وبطن القدم يختلع عن أصله كحذاء إضافي، فقد كان “التاريخ يكتب بأقدام أبناء تعز”. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك