تستمر معاناة الطلبة اليمنيين في الخارج في ظل التباطؤ الرسمي في معالجة مشاكلهم بمسؤولية. وحتى الآن لايزال طلبة في باكستان بكامل المعاناة، وما إن هدأت مشكلة الطلبة في ماليزيا وتركيا والمغرب خلال الشهور الأخيرة حتى اشتعلت في الجزائر هذا الأسبوع؛ إذ دخل طلاب اليمن في الجزائر مرحلة الإضراب عن الطعام حتى إقالة الملحق الثقافي. وأكد بيان صادر عن اعتصامهم أمام سفارتنا في العاصمة الجزائرية أمس الأول أنهم سيدخلون مرحلة «الإضراب عن الطعام حتى تتم تلبية كافة مطالبهم التي يأتي على رأسها إقالة الملحق الثقافي ومحاسبته عن كل ما ينسب إليه من مخالفات وإدانات دامغة كانت قد بتت فيها الهيئة العامة لمكافحة الفساد في وقت سابق»، وأضاف الطلبة في بيانهم - الذي وصلني إلى إيميلي معززاً بالصور - أنهم لن يتراجعوا عن مطالبهم «مهما كانت الظروف والنتائج، ومهما كان سقف الإرهاب الذي يمارسه ضدهم الملحق الثقافي والابتزاز الممنهج». الطلبة أدانوا في بيانهم ما وصفوه ب«الصمت الذريع الذي تمارسه السفارة حيال قضاياهم، وعدم سماع السفير لمطالبهم المتعددة، مما جعل معاناتهم تمتد وتزداد ضراوة وقساوة». وشدد الطلبة على أن مطالبهم «حقوقية بحتة» في إشارة إلى نوايا تحويرها كمطالب غير حقوقية، مشيرين إلى أن على الجهات المعنية العودة إلى الوثائق الصادرة عن الهيئة العامة لمكافحة الفساد، ومنها أمر توقيف الملحق وإحالته إلى نيابة الأموال العامة، بالإضافة إلى كثير من الوثائق التي نشرت سابقاً على مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية والورقية. و في بيانهم ناشد الطلاب المتضررون كافة وسائل الإعلام والجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان والدفاع عن الحريات الديموقراطية بالوقوف مع مطالبهم المشروعة والقانونية من أجل استئصال ما وصفوه ب«شأفة الفساد والمفسدين». كما ثمن البيان موقف الشرطة الجزائرية ذات الأخلاق العالية، وقدموا شكرهم الجزيل للجزائر حكومة وشعباً. وللتوضيح كان الطلاب – أوضحوا في رسالة سابقة لهم – إنهم يريدون تطبيق النظام والقانون وتغيير الملحق الثقافي المنتهية فترته قانوناً والمطلوب من هيئة مكافحة الفساد إيقافه ليحل محله المستشار المالي أو من ترونه إلى حين تعيين ملحق ثقافي جديد على حد تعبير الرسالة، مذكرين أنه في وقت سابق أقر نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في مقابلة تلفزيونية بأن الملحقية الثقافية بالجزائر من أسوأ الملحقيات في العالم. في السياق ذاته كان هؤلاء قد بعثوا برسالة مناشدة عاجلة إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ووزراء التعليم العالي والمالية والخارجية يطالبوهم بالنظر في شكواهم ومطالبهم بعد أربع سنوات من المعاناة. ويتهم طلاب اليمن في الجزائر الملحق الثقافي ب «تبني أسلوب التهديد والوعيد واللجوء إلى الأمن الجزائري للدخول إلى السفارة عند مطالبة الطلاب بحقوقهم المكفولة دستوراً وقانوناً, وإساءة استخدام الوظيفة العامة تجاه العديد من الطلاب, عدم التعاون لأجل حل مشاكل الطلاب (مثل طلاب الاستمرارية, مشكلة المعادلات في الجزائر, طلاب نظام إل إم دي, طلاب سنة سادسة طب أسنان أو صيدلة, تغيير تخصصات الطلاب الجدد من طب إلى هندسة... إلخ)، إضافة إلى سوء التعامل مع الإدارة الجزائرية ممثلة بوزارة التعليم العالي وانعكاس ذلك على التعامل مع الطلبة اليمنيين، علماً بأن الجانب الجزائري ممثل بوزارة التعليم العالي ومديرية التبادل والتعاون بين الجامعات تتعامل معنا بشكل إيجابي جداً قبل مجيئه, وتخصيص مقاعد الدراسات الجامعية التي تمنح لنا من قبل وزارة التعليم العالي خارج البروتوكول التي تصل إلى حوالي 30 مقعداً مجانياً لذوي وأصحاب الملحق الذين لا تصل معدلاتهم إلى 70 بالمائة، في حين أن هناك طلاباً تصل معدلاتهم إلى 90 بالمائة، لا يستطيعون الخروج فأين العدالة في ذلك؟». وقال الطلاب أيضاً : إن المحلق الثقافي لا يلتزم بالدوام؛ حيث يبدأ دوامه ابتداء من الساعة 11 صباحاً حتى الثانية ظهراً في مزاج معكر جداً , مشيرين إلى أنهم يقطعون مئات الكيلو مترات للوصول إلى العاصمة في الساعات المبكرة للانتظار أمام السفارة لساعات، ونمنع من دخولها حتى مجيئه. طبعاً نتمنى أن تصل الرسالة هذه المرة بشكل جدي إلى الجهات المعنية، فيما عدد المعتصمين يفوق ال 200 طالب. ومن المعروف عموماً أن مشاكل طلاب اليمن في عديد بلدان سببها الإهمال الرسمي، والمستحقات الشحيحة أصلاً، إضافة إلى عدم تعامل السفارات والملحقيات بشكل مشرف مع جامعات الدول، مع الأخذ بالاعتبار تأخر المستحقات والتعنت في الاستقطاع المالي، وصولاً الى الإقصاء لهذه المستحقات المالية الواهية أصلاً بذرائع شتى لعديد طلاب، حتى إنني أعرف طلاباً وطالبات على وجه الخصوص في معاناة بالغة جراء مصاريف السكن والدراسة منذ أشهر في باكستان كمثال جراء هذه الإجراءات المزرية جداً. بالمحصلة أرى أنه يجب ابتعاث كوادر مؤهلة سلوكياً وعملياً من ناحيتي النزاهة والضمير بالذات كملاحق في سفاراتنا بالخارج، كما أرى وجوب تحويل الموازنة التي تدفعها الدولة للمشايخ بدون وجه حق إلى موازنة الطلاب المبتعثين في الخارج؛ لأنهم على الاقل رأسمالنا المستقبلي وعماد التقدم والتحديث الذي نعول عليه لتطوير ونهضة البلد.. نعم.. يكفي كل هذا الإذلال والامتهان المتخلف الذي يحدث لطلبة وطالبات اليمن في أكثر من دولة، فيما يجب أن يتلاشى اليأس أو الغبن من أحاسيس هؤلاء، يجب أن تكون أحاسيسهم فقط مكتظة دائماً بالأمل وبالجدوى. رابط المقال على الفيس بوك