• في بيانها المالي المقدم إلى البرلمان الأسبوع الماضي أكدت الحكومة أنها تسعى خلال العام القادم 2013م إلى تنفيذ وتطبيق حزمة من السياسات الإصلاحية، منها “تنظيف كشف الراتب من الوظائف الوهمية والمزدوجة واستكمال تنفيذ نظام البصمة والصورة البيولوجية والبطاقة الوظيفية في مختلف أجهزة القطاع الحكومي والعام، المدني منه والعسكري”.. هكذا إجراءات ضرورية وهامة جداً لا بد من اتخاذها لتخفيف العبء على الميزانية العامة للدولة التي تتكبد سنوياً عشرات المليارات جراء عشرات الآلاف من الوظائف الوهمية والمزدوجة. • ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : إذا كانت عملية تطبيق استراتيجية الأجور والمرتبات قد بدأت في العام 2005م.. فأين كانت الجهات المعنية طوال هذه السنوات السبع ولم تستكمل تنفيذ هذه الإجراءات؟! وهل هذه المهام من الجسامة بمكان بحيث إن كل هذه السنوات الطوال لم تكن كافية لإنجازها؟!، وأخشى ما أخشى أن يأتي العام 2020م ولا تزال حكومتنا تستهدف استكمال نفس المهام، وهو أمر ليس مستبعداً خاصة وأن مسئولينا للأسف ومنذ سنوات يتحدثون عن هذه المعضلة وأنهم عازمون على اتخاذ إجراءات للقضاء عليها إلا أن شيئاً لم يتغير فلا تزال المشكلة قائمة هذا إن لم تزدد سوءاً. • يمكن القول إن هناك خللاً تطبيقياً واضحاً في تنفيذ استراتيجية الأجور على الواقع العملي ، حيث لم يتم تطبيقها وفق معايير عادلة ومتساوية بين جميع الموظفين في الجهاز الإداري للدولة، وهو أمر يؤكده وجود التباين والتفاوت في رواتب الموظفين بين مرفق إداري وآخر، ونحن لا نقصد هنا التفاوت والتباين الناتج عن طبيعة المسمى الوظيفي في الهيكل الإداري أو الاختلاف في عدد سنوات الخدمة بين موظف وآخر أو المؤهل الدراسي ، فذلك أمر طبيعي ومنطقي، لكننا نقصد به ذلك التفاوت والتباين بين راتبي اثنين من الموظفين لديهما نفس المؤهل الدراسي وخدما نفس عدد سنوات الخدمة ومسكنان وظيفياً في نفس الدرجة على السلم الوظيفي ويؤديان نفس المهام لكن الفارق بين راتبيهما يصل إلى مبلغ ليس بالهين، وهو أمر يلمسه الكثيرون ، بل إننا قد نجده على مستوى المرافق الإدارية التابعة لنفس القطاع أو الجهة الواحدة. • يجب الاعتراف أولاً بأن بعض أخطاء تطبيق استراتيجية الأجور نابعة من الجهات نفسها التي أعدت كشوفات المرتبات لمنتسبيها دون معرفة ودراية منها بالطريقة الصحيحة والمثلى للتطبيق نظراً لعدم توافر الكوادر المدربة والخبيرة في هذا المجال لديها، فكانت المحصلة أخطاء كارثية تحمل وزرها موظفو هذه الجهة أو تلك الذين وجدوا أنفسهم في أوضاع وظيفية متردية وحقوق مالية منتقصة، فلا وجدوا إنصافاً ولا استفادوا أياً من المزايا التي صم المسئولون آذاننا بها وهم يبشرون بالاستراتيجية وفوائدها المرجوة في النهوض بوضع الموظف، بل إن البعض منهم عادت عليه الاستراتيجية بالسلب وقذفت به إلى أسفل سافلين في السلم الوظيفي. • غير أنه لا يمكن إعفاء وزارة الخدمة المدنية من تحمل قسط كبير من المسئولية في وجود مثل هذه الاختلالات في تطبيق الإستراتيجية، حيث كان يفترض بها أن تستدعي تلك الجهات وتطالبها بتلافي الأخطاء التي وقعت فيها والعمل على تصحيح أوضاع منتسبيها الوظيفية بما يحفظ حقوقهم المشروعة وليس انتهاج أسلوب “الدعممة” وتمرير جميع الكشوفات الصحيح منها والخطأ، فوزارة الخدمة كما هو حال بقية الوزارات وأيضاً الحكومة في مجموعها هي في الأصل موجودة لخدمة المواطنين والموظف أحدهم، فإذا كان من مسئوليتها أن ترفض أية كشوفات مُبالغ فيها وتطالب الجهات بإعادة تنفيذها بالشكل الصحيح ، فإن من مسئوليتها أيضاً أن يكون لها نفس الموقف الرافض لأية كشوفات مغلوطة مقدمة من هذه الجهة أو تلك تنتقص من حقوق الموظفين، ففي الحالتين لا يستقيم الأمر مع تحقيق الهدف من اعتماد استراتيجية الأجور والمتمثل في أن يحصل الموظف على حقوقه الوظيفية وبما يراعي طبيعة عمله ومهامه. • إن الاختلالات القائمة في تطبيق استراتيجية المرتبات والأجور يجب أن يتم معالجتها وتصحيحها بطريقة عادلة تحفظ حقوق جميع الموظفين ولا يشعر معها أي موظف بأن هناك تعاملاً مزدوجاً يفرق بين هذا وذاك من موظفي الدولة وكأن في الأمر “أولاد الغفير وأولاد الفقير”. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك