إن القول بأن القبيلة أكثر وعياً من الحزبية ليس عبثاً، لأن واقع الحياة السياسية يقدم مشهداً مكتملاً تظهر فيه القبلية أكثر رقياً من الحزبية، وسأضرب مثلاً واحداً وهو اختيار شيوخ القبائل وقيادات الأحزاب ففي القبيلة تبين أن الاختيار يتم عن طريق الرضا المطلق والتفاهم والانتخاب وليس الاكراه والاجبار والفرض، لذلك فقد ذكرت الدراسات العلمية التي تابعت الأعراف والتقاليد والقيم القبلية أن على الدولة أن تستفيد من تلك الأعراف النبيلة والعريقة، وبدرجة من الإملاء والفرض وعدم السماح بالاختيار للأفضل يتم في بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية القائمة، ولم ترق ممارسات ذلك البعض إلى مستوى القبيلة في حرية الاختيار ورفض الاجبار والاكراه. إن المجتمع اليوم في أمس الحاجة إلى العودة إلى الجذور التاريخية لتجربته الديمقراطية التي بلغت أوج رقيها وسمو أخلاقياتها واستحقت التخليد بذكرها في الكتب السماوية وفي المقدمة القرآن الكريم قال تعالى على لسان ملكة اليمن: (قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون) صدق الله العظيم، وقد أشرنا في المواضيع السابقة إلى مفهوم الملأ ومكوناته ووجدنا الديمقراطية أو المشاركة السياسية الشوروية في أروع صورها وأنبل معانيها، لأنها جمعت بين مكارم الأخلاق وقيم التطور والتحديث وأرست تقاليد وثوابت جعلت من الفكر السياسي نموذجاً ينبغي العودة إليه للاستفادة والتحديث، كما أشرنا إلى أن الاسلام الذي ألزم المسلمين بمبدأ الشورى إنما جاء ليتم مكارم الأخلاق، وقد أكد ذلك محمد(صلى الله عليه وسلم) بقوله: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). إن المشهد السياسي القائم اليوم لايعبر عن الالتزام بالثوابت الدينية والوطنية والانسانية، بل يميل ميلاً شديداً إلى الانتهازية واتباع الغاية تبرر الوسيلة، وهذا المشهد السوداوي لايعبر بأي حالٍ من الأحوال عن مكارم أخلاق اليمنيين البذرة الأولى للإسلام الحنيف، لأن التصرفات التي تحدث بعيدة عن مكارم الأخلاق لاتعبر إلا عن من يمارسها فقط، ولذلك لايجوز التعميم في استخدام المصطلحات، لأن ذلك التعميم يقوي نزعات الشر والحقد التي تغذيها القوى الحاقدة على وحدة اليمن والتي لاترغب في أن يكون اليمن قوياً، وقد بذلت كل شيء في سبيل تحقيق غايتها الشيطانية من أجل تمزيق اليمن وتفريق شمل اليمنيين، ولكنها فشلت في مراحل عديدة، واليوم ستفشل، لأن الحوار الوطني الشامل الذي يخوضه اليمنيون كافة سيفوت الفرصة على دعاة التشظي والانقسام وسيعيد لمكارم الأخلاق قداستها وسيعمل على إنهاء سياسة الغاية تبرر الوسيلة بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك