«إذا تهذبت حياة الشخص استقامت حياة الأسرة ، وإذا استقامت حياة الأسرة اتسقت حياة الأمة ، وإذا اتسقت حياة الأمة ساد السلام في العالم» كونفوشيوس وعليه، فالثقافة والتربية والوعي والتذوق الجمالي، وسائل مهمة لتحقيق هذا الانسجام الذي عناه كونفوشيوس، فالفن والجمال يعملان على إقامة التوازن والسلام في حياة الشعوب ، وبين أبناء الوطن الواحد، وذلك لأن الذوق الجمالي مرتبط «بالهارمونية» أو الانسجام، وهو انسجام مع النفس ، ثم مع المجتمع والعالم أو الكون بأجمعه، فالقيم الجمالية ترقق مشاعر الأفراد ، فيكون السلام الاجتماعي في أجمل معانيه ، وتسمو القيم الجمالية بالفرد ليتجاوز ذاته إلى الآخرين، فلا صراع ولا أنانية، في بيئة يسود فيها التكافل الاجتماعي في أجمل صوره . في هذه البيئة تكون العلاقات الإنسانية«ضرباً من الفنون السلوكية الراقية، حيث يشيع الجمال في كل شئون الحياة، ويصبح التعامل المبني على إدراك الجمال في السلوك تعاملاً أخلاقيا خيّراً ، يجعل من بناء المجتمع شيئاً إنسانياً أرقى من التصرفات التي تُبنى على الاصطدام والتخريب وعدم المبالاة وعدم الإحساس» . في المجتمع اليمني المعاصر بدأت جملة من المشاكل العصرية تظهر بجانب بعض ما هو موروث لديه من عادات ومشاكل سيئة، كالثأر وحمل السلاح والاختطاف وقطع الطريق وطبيعة التعامل مع المرأة.. كما استشرى الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة، ويمكن ملاحظة أن استشراء هذه الظواهر ترافق مع هبوط مستوى الذوق الجمالي العام على المستوى المظهري الشكلي أو التعامل السلوكي، وهبوط مستوى التذوق والممارسة للفنون الحديثة السريعة الانتشار، دون غربلة أو وعي جمالي وفني سليم؛ مما يجعل من نشر القيم الجمالية، عبر وسائل الإعلام والتعليم المختلفة حاجة فائقة الإلحاح، وتبرز أهمية نشر وترسيخ القيم الجمالية في البرامج والاستراتيجيات التنموية لكل مؤسسات الدولة، ومنظمات المجتمع. ونظراً لأن الجمال يعني الخير، فإن القبح في المقابل يعني الشر، وبالذوق الجمالي تخف مظاهر القبح والعشوائية والفساد والشر والإرهاب، (ليست مجرد أمانٍ نظرية، فالإصلاح المؤسسي على أهميته هو إصلاح شكلي، بينما الإصلاح الثقافي والفكري يجري في عمق منظومة القيم الحاكمة لوعي وسلوك الفرد والمجتمع )، وهذا ما يؤديه الوعي والتذوق الفني والجمالي، لإصلاح الأفراد والجماعات، وتطوير أدائها، من أجل وطن وشعب منسجم، يقدر اختلافاته بذوق، ويحل خلافاته برقي، ويسوده النماء والنظام والمدنية الراقية . رابط المقال على الفيس بوك