على خط صعدة، تتحمَّل الدولة مسؤولية المباشرة في تنفيذ جملة المشاريع المتعلقة بتعويض المواطنين عن الأضرار المادية والنفسية نتيجة الحرب الظالمة التي حاقت بهم، والتي كانت سبباً في خروج صعدة الماثل من سلطة الدولة، فالمعروف أن الحوثيين يعملون الآن كما لو كانوا مشروعاً موازياً لحزب الله في لبنان، وهذا المشروع سيفتح الباب لشكل من أشكال التوافقية القاتلة، كتلك المستوردة من اتفاقية الطائف حول المسألة اللبنانية، والتي خلقت عملياً دويلات متعددة داخل الدولة اللبنانية، متواضعة المساحة والعمقين الديمغرافي والمادي. ومن هذه الزاوية علينا أن نتصور ما سيكون عليه الحال في اليمن إن تمَّ تعميم النموذج اللبناني؛ أُمراء الحرب المُدججون بنياشين الدولة لن يكونوا بالعشرات كما هو الحال في لبنان، بل بالمئات والآلاف. لهذا السبب ليس أمام القيادة السياسية اليمنية من خيار سوى نزع فتيل المحنة الصعداوية من خلال تدابير ملموسة واضحة المعالم، بدلاً من الدوران في حلقة مفرغة من الاتهامات المُتبادلة، والتبريرات المطَّاطة. لكن تخصيص مُشكلتي الجنوب وصعدة لا يعني غياب موازيات لهما في بقية محافظات الجمهورية اليمنية، التي تعاني الأمرِّين من الظلم والبؤس والفاقة، ولعل شاهدها الأكبر “تهائم اليمن”، التي تنوء بالمظالم المتقادمة، والتمييز العرقي القبيح، والمفارقة التامة لقوانين المواطنة والدولة، مما لسنا بصدد تفصيله هنا. إن لم يستقم ميزان العدل على قاعدة راسخة، وبإرادة سياسية توازي الفعل الواضح، لن تكون هنالك فرصة حقيقية للخروج من نفق المتاهة القادمة، وسنخسر فرصة تاريخية قلَّما تتوفَّر في هذا الزمن العاتي بأجندات إقليمية ودولية متنوعة حد الجنون. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك