ارتفعت أسعار السلع الغذائية الزراعية كالخضروات في الأيام الأخيرة وخاصة الطماطم إلى أعلى سقف أو إلى ثلاثة أضعاف سعرها قبل ثلاثة أسابيع ولم تدم نعمة رخصها إلا قليلاً وكذلك بقية الخضروات. وإذا سألت البائع الذي يبدو عليه البؤس والتعب وزاده ضعف السمع مشقة في التخاطب مع المشتري الذي يستعجل الجواب منه عن سعر ربطة الكراث أو البقل حيث يرد عليه بانفعال وبصوت متهتك يعكس كبر سنه وضعف جسمه فيأخذ بضاعته من يد المشتري ويقول له: روح اشتري من عند غيري، ويتدخل الزبائن ومنهم نساء بالتعاطف مع الشيبة من حيث المبدأ لدواع إنسانية لاشك لما سبق من الأوصاف التي ذكرناها. الأسواق عندنا لا ولن يحكمها أحد غير المزارع والوسيط والسمسار الذي يقال بأنه يأخذ نصيب الأسد من الأسعار ويترك للبائع بالحملة الذي يلي المزارع المنتج في جهران وقاع الحقل وفي مأرب وصعدة وصنعاء وأبين ولحج وتهامة أم الخير والخيرين وموزع والبيضاء ويرمي بالمسئولية على المنتجين وعلى السلطات التي يتهمها الموطن بأنها لاتحرك ساكناً حتى وإن لجأ إليها هذا المواطن بحسب قولهم. إن إثارة هذه القضايا وفي هذه الظروف العامة الصعبة إنما تعكس الحالة المعيشية التي تكاد تخنقنا والتي وصلت إلى نقطة الخطر بالنسبة لغالبية أبناء اليمن الذين سمعوا والذين يسمعوا أن الأممالمتحدة ومن خلال منظمة الأغذية والزراعة الدولية ومنظمة الصحة العالمية أن نصف سكان اليمن يتهددهم الجوع والمرض والحمى بالموت أي أكثر من عشرة ملايين ومعظمهم أطفال بحاجة إلى اسعافهم بصورة عاجلة بالطعام والدواء والملابس والفرش زائد الخيام وخزانات المياه للنازحين من الحروب في صعدة وأبين وقرى الحداء المجاورة لمنطقة رداع المشتعلة بنيران القاعدة وأنصار الشريعة منذ أسابيع بعد أن كانت الأمور قد هدأت لفترة قصيرة بفضل العمليات الناجحة التي خاضتها وحدات من الجيش والأمن واللجان الشعبية في أبين وماجاورها. وكم يشعر المواطن عزيز النفس بالعار عندما تلوكه ألسنة الداعمين أو مايسمون أصدقاء اليمن من عجم وعرب بوصفهم لليمنيين بأن مستوى فقرهم وتنوع مشاكلهم يفوق ماهو في الصومال وهو الذي يضرب به المثل منذ أكثر من ثلاثة وعشرين عاماً ولم يتوصل الصوماليون إلى حلول متفق عليها تعجل بوضع الحرب أوزاها وتحفظ كرامة نسائها ورجالها وأطفالها الذين يبحرون إلى اليمن أو غير اليمن أويقطعون البراري باتجاه دول مجاورها تربطها حدود برية بالصومال الذي عرف بكثرة خيراته وخصوبة أراضيه. والسواد الأعظم من اليمنيين يعانون من نقص الغذاء أو لاستيلاء القات على اهتمام المزارعين والموالعة وعلى رأسهم المسئولون بمختلف مستوياتهم الذين يغضون الطرف عن معالجة الأوضاع الانسانية الفتاكة بالحد من زراعة القات واستنزاف المياه التي يستهلكها القات وعن السموم القاتلة والأدوية المزيفة والمقلدة والمنتهية الصلاحية التي ضاعفت من حالات الاصابات بأمراض السرطان إلى مستويات غير مسبوقة.