علينا أن نتسلح كأقوى ما يكون التسلح، بإرادة التغيير الوطني الشامل (السلمي والجاد) للخروج من قبح ما آل إليه وضع الشعب من تدهور وتعقيد واحتقان.. حيث الواجب الوطني يحتم أن ندين كل محاولة للإبقاء على الوضع القائم أو إعادة إنتاج الماضي بكل مساوئه. فالأرض التي نعيش عليها.. والانتماء والولاء الوطني الذي نؤمن به يفرض علينا أن نصون وطننا ونجنبه الانزلاقات الخطيرة.. ولن يحقق لنا ذلك إلا بإرساء أسس ومقومات المواطنة المتساوية وسيادة القانون والحكم الرشيد.. ذلك لأن الكيان الوطني ليس كعكة نقتسمها في غفلة من التاريخ، ولا هي بمزرعة لنتوزعها إقطاعيات كما فعل «النهابة» في عدن والحديدة وغيرها.. وفي صميم هذه الواجبات الوطنية المقدسة، يأتي موقفنا الملتزم من القضية الجنوبية التي نعرف جيداً أنها ولدت بعد أن عبث الساسة الانتقاميون بمكسب الوحدة وحولوها من حلم جميل ومكسب عظيم إلى كابوس ظل ولايزال يؤرق الجنوب أولاً وكل اليمن وأهله على حد سواء. وبما أن القضية الجنوبية قد تصدرت قضايا الوطن وبات حلها مطلباً (جنوبياً.. شمالياً.. وطنياً) فإن على روادها أن يغتنموا الفرصة ويستجيبوا لصوت العقل وينخرطوا في الحوار الوطني الشامل الذي سيضعها في الصدارة.. بعد أن أدرك الجميع حجم ما حل بالمحافظات الجنوبية من كارثة، وأن حل القضية الجنوبية هو مفتاح حل قضايا الوطن وطريق الجميع إلى إعادة الاعتبار للوحدة.. وإعادة الحقوق لأصحابها غير منقوصة ودون أي تأخير أو مماطلة.. ومن واجباتنا المقدسة أيضاً أن نتصدى للظواهر المدمرة، ومن ذلك مسألة الإثراء الشخصي والعائلي على حساب إفقار الشعب.. وكلنا ننتمي إلى أسر فلاحية ورعوية فقيرة.. وكلنا إلى عهد غير بعيد كان يفتقر إلى قوت يومه، ويتمنى اقتناء كيس نوم يقيه من «الكتن» والقوارض.. وليس بيننا آل روكفر أو كلنتون أو بوش.. ولابد أن يُسأل كل من سرق ونهب وأثرى على حساب الشعب، من أين لك هذا؟.. والواجب المقدس أن نعلن الثورة ضد الفساد وأن نعتبر هذه الثورة هي عنوان المرحلة وإلا فلا ثورة ولا تغيير. وبالقدر ذاته يجب أن يكون إيماننا واضحاً ومحدداً أن الحوار هو طريقنا الأمثل لحل قضايانا المصيرية العالقة.. وأن لا بديل للحوار إلا الحرب... وعلى كل عاقل أن يسلم بالحوار ملاذاً من الهلاك وسبيلاً إلى الحياة المثلى. وفي صميم واجباتنا الوطنية المقدسة أن نعمل على حيادية القوات المسلحة والأمن والقضاء والدبلوماسية والإعلام الرسمي.. إلخ.. وأن نضع حداً يوقف جنون الحزبية المتحذلقة والمهرولة نحو الاستحواذ وفرض رؤية الحزب الواحد ومصلحته على مصلحة الوطن. ومثلما قد جرب اليمن حكم الفرد والجماعة والمذهب، وقاده ذلك إلى سقوطه في قبضة الدخيل والمحتل، فإنه بات جلياً بأن حكم المنطقة أو الشطر والحزب أيضاً لن يقود إلى يمن جديد، بل سيقود إلى التشظية والتمزق.. ولابد من إعادة النظر في قواعد لعبة (التغيير) حتى نجنب أنفسنا (الأمارة بالسوء) مطب الاستقواء بالحزب أو الاحتكام الجامد إلى مفاهيم الأغلبية والأقلية أو الاستقواء بالأكثرية السكانية.. وهي إشكالية حقيقية لن يعجز العقل اليمني الجمعي عن معالجتها، بما في ذلك إرساء أسس المواطنة المتساوية وبناء الدولة التي لابد وأن تبنى على أسس العدالة، وإرساء مداميك الحكم الرشيد الذي بدأت ملامحه تتكشف لينير درب السائرين إلى يمن الخير والعدل والسؤدد. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك