بناء الأوطان ليست بالمهمة السهلة والميسرة كما يتخيل البعض، كما أن مهمة البناء ليست حكراً على فئة أو جماعة أو جهة معينة إذ يتطلب الأمر عملية شراكة وطنية تساعد على تهيئة الأجواء أمام عملية البناء،والأوطان كما هو معلوم لا تبنى بالتصريحات الرنانة والوعود الانتخابية الزائفة والعناصر المتخمة بالفساد والمشبعة بالأحقاد وإنما تبنى بالإرادة الوطنية والشراكة الوطنية التي يكون كل فرد من أفراد الوطن الواحد شريكاً فيها. اليوم ويمننا الحبيب يستعد لخوض غمار مؤتمر الحوار الوطني كخطوة هامة وحساسة على طريق بناء اليمن الجديد الذي يمتلك كافة مقومات النهوض والتطور في ضوء ما تضمنته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة الهادفة إلى تجاوز الأوضاع الراهنة ومعالجة مختلف تداعياتها، ينبغي التأكيد على مسألة في غاية الأهمية وهي مسألة الشراكة الوطنية بين مختلف القوى السياسية والمكونات الفاعلة في الساحة المحلية من أجل العمل على بناء مداميك وطنية صلبة تضمن قوة ومتانة وصلابة اليمن الجديد الذي ننشده، فلم يعد هناك من مجال لإذكاء الصراعات السياسية والمناكفات السياسية من أجل السلطة، لأن استمرار هذه المناكفات والصراعات سيقود إلى إشعال الحرائق والفتن وإدخال البلاد في دوامة من الفوضى وهو ما سيقودها في نهاية المطاف إلى الإنهيار التام، حينها لن تكون للصراعات والمناكفات السياسية والحزبية أي فائدة ولن يكون أيضاً للسلطة أي قيمة بعد أن تحول الوطن إلى كومة من الأنقاض وخرائب وأطلال تبعث في النفس الحسرة والألم. الوصول إلى السلطة حق مشروع لكافة القوى السياسية ولكن في إطار المنافسة الديمقراطية والممارسة السلمية لأساليب وطرق العملية الانتخابية التنافسية، بحيث تكون الكلمة للشعب عبر صناديق الإقتراع بعيداً عن مشاريع التوريث والانقلابات المسلحة وسياسة الإقصاء والاستحواذ والاستعانة بالخارج واستغلال الموارد والثروات والممتلكات والأدوات العامة، فالمنافسة لا تعني الخداع والتزييف والتزوير وشراء الذمم والوقوف ضد إرادة الشعب في التغيير نحو الأفضل، والمنافسة لا تعني نشر ثقافة الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد والأسرة الوحدة والدخول في صراعات ومواجهات دموية مؤسفة، والمنافسة لا تعني أن تتحول السلطة في نظر البعض إلى مغنم ومكسب من أجله لا يبالي هؤلاء بهلاك أنفس وخراب ودمار وطن، فغاية القصد والمطالب هي السلطة مهما كان الثمن وهنا تتجسد الحماقة السياسية في أبهى صورها. المنافسة حق مشروع ولكن قبلها يجب أن تكون هناك شراكة وطنية حقيقية لوضع آليات وضوابط يسير الجميع على ضوئها من أجل ضمان نزاهة وعدالة هذه المنافسة، ومن هنا فإن كلفة الأحزاب والتنظيمات السياسية والقوى الوطنية الفاعلة في السادة اليمنية مطالبة بالمشاركة الفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني والذي سيؤسس لمرتكزات أساسية وجوهرية في بنية اليمن الجديد وسيضع النقاط على الحروف بالنسبة للقضايا والملفات المطروحة للنقاش على طاولة الحوار الوطني، حيث ستكون مخرجات الحوار الوطني منطلقاً لتهيئة الأجواء أمام كافة القوى السياسية لخوض الاستحقاقات الانتخابية المقبلة والتي من خلالها سيعبر الوطن نحو مرحلة جديدة يتجاوز فيها سلبيات وإخفاقات الماضي ويرسم ملامح المستقبل المشرق المنشود. إذاً هي دعوة للشراكة الوطنية والوقوف بصدق وإخلاص إلى جانب القيادة السياسية من أجل قيادة سفينة الوطن إلى بر الأمان وتجاوز المرحلة الانتقالية وإنجاح التسوية السياسية والمبادرة الخليجية، فمن خلال الشراكة الوطنية القائمة على الوفاق والتوافق سنتجاوز مرحلة الخطر ونسقط كافة الرهانات التي أطلقها البعض على فشل التسوية السياسية، وأعتقد جازماً بأن تقديم التنازلات من قبل مختلف القوى الوطنية وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الذاتية والسياسية والحزبية سيقودنا في نهاية المطاف إلى بناء دولة النظام والقانون والمؤسسات، ودولة العدل والمساواة والحقوق والحريات، دولة يسودها الأمن والاستقرار، وينعم أفرادها بالرخاء والحياة الكريمة، دولة جيشها واحد يدين بالولاء للوطن لا للأشخاص والأفراد والأحزاب، دولة نفاخر بها بين الدول ونتفانى جميعاً من أجل رفعتها وتقدمها وتطورها في مختلف المجالات وعلى مختلف الأصعدة. دمتم سالمين.. رابط المقال على الفيس بوك