**المرء أحيانا تسدى له النصيحة ويأتيه النصح من قومه وخلانه فيستميت كبرا وعنادا ومن باب قبول النصيحة عليه أن يشكر ويحترم مثل هكذا نصح قبل أن يردها لقائلها تعنتا غير راض بها –وللنصيحة شان عظيم في حياة الفرد والأمة على حد سواء فهي أساس بناء الأمة وهي السياج الواقي من الفرقة والتنازع والقطيعة والتحريش بين المسلمين وهذا التحريش اذى رضي به الشيطان بعد أن يئس أن يعبده المسلمون في جزيرة العرب كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم –ونعلم علم اليقين بأن منهج أنبياء الله ورسله مع أممهم مبنيا على النصح والشفقة عليهم كما دائما ما نقرأ ونسمع من آيات الله مدلولات وإيحاءات كثيرة مفادها النصح كقوله “أبلغكم رسالات ربي وانصح لكم وأعلم من الله مالا تعلمون” وفي آية أخرى “يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين” - ما أحوجنا إلى التناصح والنصح فهي تعد من أخلاق الكبار وأصحاب النفوس الكبيرة لأنهم وحدهم القادرون على أدائها وكذلك حسن استقبالها دون تأفف أو ضجر أو مكابرة لأن ثمة ما يعتري المرء من شطط في حال نصحه والكثير منا يرفض النصيحة ولو كان مخطئا ويستحضرني ما قاله ابن الأثير رحمه الله النصيحة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له.ولا يختلف اثنان على أن النصيحة من خصائص هذا الدين وهي من دعائم استقامة ألامه واستقرارها وعلامة من علامات النضج الفكري لمن يمارسها وكذا من يستقبلها وبالنصيحة تحافظ هذه الأمة المحمدية على تصدرها لجميع الأمم “كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” فلا محالة أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا صورة من صور النصيحة وتقويم السلوك من الخطأ إلى الصواب ومتى ما انعدمت النصيحة واختفت في الأمة يعد هبوطاً ومؤشراً خطيراً بتدهور أمنها وتقدمها والحديث يطول ويتشعب في أهمية النصيحة والتحلي بها بوصفها خلق عظيم فقد نصح أنبياء الله نوح وهود وصالح قومهم ..فقبول النصيحة والاعتذار عن الخطأ وتصحيحه أفضل من التمادي فيه فالعيب ليس في الرجوع عن الخطأ وإنما البلاء الحقيقي يكون في الإصرار على الباطل وقبولك النصيحة ينفي عنك الاتصاف بالكبر والتعالي ويزيل من قلب ناصحك الحقد والبغضاء هل نعي تماما أو نعي هذا المعنى الجميل السامي ونردده جميعا والذي جاء على لسان عمر بن الخطاب (رحم الله من أهدى إلي عيوبي) ومن لا يستمع للنصائح ويصر على رأيه يندم في النهاية وما خاب من استشار وحقيقة فإن المسافة بين أن ننصح الناس وبين أن نساعدهم كبيرة جدا لكن ضرورة التقارب في مثل هكذا مسافات ولو في حدها الأدنى لنجنب أنفسنا وامتنا وشعبنا الويل والنكبات والحروب والضحايا أن أصررنا على الخطأ وامتنعنا المثول إلى جادة النصيحة والأخذ بها وقد تكون طوق نجاة أو العكس تدمر بلداً بأكملها عدم قبولها البتة –اليوم ما نراه من هوان وتشرذم وقطيعة وانكسار في مفاصل الأمة العربية واختلاف حكامها بعضهم البعض ليس هذا إلا إفرازات ونتائج حتمية من عدم تقبل النصيحة كل من الآخر بل وحدا بالبعض من حكامنا العرب يستبيح كل شيء ويعمل كل شيء والعين الحمراء والتعذيب لكل من قال كلمة حق عند هذا السلطان الجائر وكان لسان حالهم يقول ما أريكم إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد –كما قاله فرعون معد نفسه ألها من دون الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وتخيلوا معي إذا المرء بحاله رفض النصيحة يترتب عليه من نتائج سلبية لا حصر لها فما بالكم بأن يرفض النصيحة زعيم عربي أو قائد وطني فالآثار المترتبة على رفض النصيحة تكون بحجم صاحبها وبخسارة وطن بأكمله وهذه هي الكارثة والتعنت بالرأي الأوحد فتحل المصيبة بجلا جل وهذا ما تجسد حقيقة في القائد صدام حسين رئيس دولة العراق كل الزعماء ورجالات الدولة نصحوه بترك الكويت عندما غزاه عام 1990م لكن أصر وحصل ما حصل من حرب الخليج وظلت تعاني العراق إلى اليوم ما تعانيه من انفلات في كل شيء ونماذج كثيرة من هذا النوع وما سوريا منا ببعيد وعزاؤنا ما قاله رسولنا في حديث له بما معناه أول ثلاثة يدخلون الجنة شهيد وعفيف متعفف وعبد أحسن عبادة الله ونصح لمواليه.. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك