لا أحد يدرك مدى الخسارة عندما يمر العمر بدون إنجاز ذي معنى، والزمان بطبعه يا صاحبي غدار، بل هو المكر بشحمه ولحمه.. إنه ينام معك ويقوم معك ويتحرك معك ويحلم معك ويبكي معك ويضحك معك وأنت لا تعلم أنه في كل الأحوال يذبحك بمنشار الدقائق وسيف الأيام ثم لا تفيق إلا وقد فات الأوان.. في أرذل العمر او في القبر ولهذا قيل (الناس نيام اذا ماتوا انتبهوا). يفرط الإنسان بنفسه وفرصته حتى يتحول مكر الليل والنهار الى سنة وعدل من الله (والله خير الماكرين).. لابد أن ننتبه قبل فوات الأوان، ففوات الوقت هو الخسارة بعينها، وعدم عمل الصواب في الوقت المناسب هو الخذلان ... ألم يكن (فرعون) سوى معركة خاسرة مع الوقت حتى إذا ما نطق بالمطلوب منه لم يكن مجدياً، لأن الوقت كان قد فاته ولو قالها من قبل لكانت خاتمته غير تلك.. إنها معركة الإنسان مع الوقت إذاً.. والفوز والخسران يحددهما تعاملنا مع الزمان وعقارب الساعة التي تلتهمك كل لحظة وتذبحك كل دقيقة.. لقد ذهب فرعون ضحية لمكر الزمان حيث لم يمهله الوقت بسبب غروره (ما أريكم إلا ما أرى) وعندما صرخ (آمنت برب موسى وهارون) كان الوقت قد فاته والزمان قد مكر به كسنة إلهية عادلة, بينما تجاوز قوم موسى هذا المكر وفعلوا الصواب في وقته، والسبب إدراكهم لحقيقة الأيام والليالي (اقضي ما أنت قاضٍ إنما تقضي هذه الحياة الدنيا) إدراك يدفع للانجاز والتضحية نتيجة لإدراك حقيقة الحياة والتعامل الأمثل مع الخلود من خلال السيطرة على معركة الوقت الهارب والزمان الشارد والحياة الفانية، ولذلك قيل (إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك)، نعلم كيف يقطعنا الوقت مثل قطع الجبن وينتفنا نتفاً كنتف الريش، لكننا قد نجهل ولا نعرف كيف نقطع الزمان ونأمن مكره وهي مهمتنا الأساسية، ولهذا قال معلم البشرية: (اغتنم خمساً قبل خمس، حياتك قبل موتك وصحتك قبل مرضك وفراغك قبل شغلك........) وكلها يا صاحبي مرتبطة بالوقت ومعركة الأيام ومكر الليالي . الأمر يحتاج إلى انجاز على مستوى الفرد والجماعة الإنسانية وإلا ذهبنا ضحية سهلة لمكر الليل والنهار وسلمت رقبتك لسيف الزمان الذي لا يرحم وخرجت من الحياة بلا حياة ولا فاصوليا ولاحمص ولا حتى ملوخية أو كسرة خبز. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك