حتى أكثر المتشائمين يعلقون الآمال العراض على مؤتمر الحوار الوطني الذي ستنطلق فعالياته بعد غدٍ الاثنين بأن يكون خاتمة أحزان اليمنيين وبأن يفتح نافذة واسعة على المستبقل، خاصة بعد أن توفرت لانطلاقة هذا المؤتمر كافة مقومات وعوامل التئامه، سواء من حيث الإجماع الشعبي والنخبوي داخلياً أو من حيث الإجماع والدعم المادي واللوجستي خارجياً. في واقع الأمر، لم يعد أحد يشكك في إمكانية أن تكون هذه الفرصة هي الملاذ الأخير والآمن لخروج اليمنيين من أزماتهم المتلاحقة وصياغة عقد إجتماعي جديد لدولة ناهضة تقوم على أُسس العدل والحرية والمساواة وتعمل على تطبيق مبدأ سيادة القانون على الجميع دون محاباة أو استثناء. وعطفاً على ذلك، فإن شرط التفاعل مع الملفات والقضايا الوطنية المطروحة والشائكة تحت مظلة مؤتمر الحوار ، لابد أن تكون متسمة بقدر كبير من المسئولية تمكن الأطراف جميعها الخروج بحلول ناجعة لمختلف تلك المشكلات متعددة الجوانب ، سواء في شكل ومضمون الدولة المطلوبة أو في علاقة المركز بالمجتمعات المحلية، فضلاً عن ضرورة كفالة النظام الجديد مبدأ العدالة في توزيع الثروة واقتسام السلطة وإعلاء قيم المواطنة المتساوية وإحياء روح العمل والإنتاج ومجمل معطيات الشراكة المجتمعية في مختلف أطرها ومكويناتها وبما يجسد - صدقاً – حقيقية الانتقال إلى فضاء جديد غير ذي صلة بمآسي وموروث الماضي السلبي بأي شكل من الأشكال. ولا شك بأن تلك التطلعات الطموحة التي تخالج مشاعر اليمنيين في الداخل والخارج وكل المراقبين أيضاً في أن يروا اليمن مستقراً وآمناً ومتطوراً، غير منفصل البتة عن مشاعر الخوف والقلق من صدقية ألا تكون مخرجات هذا الحوار ملبية لتلك التطلعات والطموحات التي تعتمل في نفوس الجميع دون استثناء، لذلك يُعوّل أبناء الوطن كبير الأمل وخالص الرجاء على الزعامات والقيادات والنخب الوطنية للعمل المثابر والمخلص في إطار مفاعيل الحوار الوطني بقدر كبير من الأمانة والإخلاص والمسئولية ، خاصة أن الوطن يقف أمام مفترق طرق، تقتضي هذه المسئولية الوطنية والتاريخية أن يتناسى الجميع خلافاتهم الشخصية والحزبية والمصلحية وولاءتهم المذهبية والمناطقية والجهوية وبحيث يكون انتماؤهم إلى القضية الوطنية هو الهم الأول والأكبر والملح والضروري بمعزل عن كل تلك الولاءت التي يتمنى عموم أبناء الشعب أن تنصهر هذه القوى المشاركة في هذا المعترك الحضاري داخل بوتقة المصالح التي تحافظ على نسيج المجتمع ووحدة انتمائه إلى هذا المكان الذي كان يمنياً ويجب أن يبقى كذلك. باختصار فإن اليمنيين يعلقون آمالاً عراضاً على هذا المؤتمر، ليس – فقط – من زاوية إخراجهم من الأزمة السياسية ، بل أيضاً من أجل وضع حد لتداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وبما يُمكّنهم من الحياة الكريمة والسعيدة عبر استثمار طاقاتهم ومواردهم – إذا ما تهيئت ظروف استغلالها - لاستطاعة اليمن الخروج من أسر كل مشكلات وتحديات التنمية التي تعيشها وتكاد تضيّق الخناق عليها، سواء على الجبهة الاقتصادية والأمنية أو في إطارها السياسي .. المهم أن تخلص النوايا ويصدق العمل. رابط المقال على الفيس بوك