في زمن الطفولة كنا نتقن مختلف الألعاب، الغميضة، ونط الحبل، والكراسي، والفتاتير، والحجنجلي، وغيرها من الألعاب الشعبية الممتعة التي كانت تغرس فينا قيماً، لو أحسنها الآن لكنا في منأى عن المشاكل الحالية التي نعيشها. الغريب أننا عندما نكبر ننسى أو نتناسى تلك القيم التي تعلمناها في زمن الطفولة، وكأننا نستعر أن نتعلم من تلك المرحلة! معتقدين أن الأرقام المتراكمة فوق أعمارنا تستطيع أن تخلق قيمها من لحظتها الآنية، متناسين أننا اللحظة لسنا سوى انعكاسات مكبرة عن ذواتنا المصغرة بالأمس، والنتيجة أننا نكرر أخطاءنا ولكن بأحجام أكبر تتناسب مع تلك الأرقام العمرية الضخمة التي نحملها، ولو عدنا إلى زمن الأرقام الصغيرة لحللنا الكثير من المشاكل. لا أريد أن أبسط المسألة بشكل مخل، ولكن يوجد بالفعل علاقة ترابطية بين واقع الأمس، وواقع اليوم، وبين ألعاب الصبا ولعبة السياسة، إذ أن اليوم هو امتداد للأمس، ولعبة السياسة ما هي إلا إجراءات وتكتيكات نمارسها كلعبة، ولكنها معقدة بعض الشيء، لو أننا نبسطها بعض الشيء ، بحيث ندخل عليها تعديلات تتيح للجميع فهمها وممارستها لتغير وجه الواقع. في الماضي كنا نلعب الغماية، ونحاول أن نكتشف أماكن الاختباء، وبعد أن يخرج الفائز وينكشف بقية اللاعبين نعود للعب من جديد دون غضب من ذلك الذي كشف أمكنتنا ، هكذا تقتضي قواعد تلك اللعبة، إذاً لماذا نغضب ونستنكر الآن من تطبيق ذلك المبدأ في حياتنا العامة. ها هو قانون العدالة الانتقالية يمر بأشواك التقييد، والحصر بسبب خوف البعض من كشف أماكن اختبائه أثناء ممارسته للعبة السياسية، طالما قبل اللعب بالدورة يجب أن يقبل قواعدها بحلوها ومرها، أما أن يقبل الجميع بأن يخرب اللعبة في كل مرة وفي كل مشهد من أجل ذلك الشخص السمين ، أو ذلك الشخص الطويل، فلن يكون حينها قيمة للعبة، ولا للسياسة. حالياً اليمن بأحزابه وحكومته ومؤسساته يلعب لعبة الكراسي، بنسختها القديمة، فعلى الرغم من أن تلك اللعبة تغرس قيمة تحين الفرص، وبذل السبب، إلا أنها كانت في مدارسنا تطبق بشكل سيء، حيث يجلس عليها صاحب الصوت الكبير، والمضارب، والشخص السمين! لذا لم لا نعدل عليها قليلاً بحيث نطبق قواعد اللعبة حقيقة ، وليس وفق الاستثناءات التي تملأ حياتنا وواقعنا ودستورنا، فالحياة بتقلباتها الكثيرة، ليست سوى لعبة ، نلعبها بشرف وروح رياضية وأخلاق وقيم، أو نلعبها بغش وفساد وتلاعب، ثم نحمل اللعبة المسكينة أخطاءنا، متناسين أنها بقواعدها مكتملة، وتصرفاتنا هي من تحد وتخرب من تلك القواعد. رابط المقال على الفيس بوك