السؤال الأكثر صعوبة الذي يواجه المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني يتلخص في معنى الاختيار ، ودرب الاختيار الواقعي يتمثل في واحد من اثنين ، فإما الارتقاء والتطور وإما الإرتكاس والتخلف . الدرب الأول يوصل إلى دولة جديدة عصرية تتحدد ملامحها في صيغة اتحادية لامركزية ناجزة ، والطريق الآخر يتلخص في بقاء الحال على ماهو عليه ، وهو أمر لن ترضى به الجماهير اليمنية التي دفعت الغالي والنفيس للخروج من شرنقة النظام المركزي المفارق لنواميس الأرض والسماء ، والمناجز لحكمة التاريخ والجغرافيا . على درب الطريقين ، ومعنى الخيارين تتعدد الأسماء والمسميات ، ويجتهد المجتهدون إقراراً أو ابتعاداً من هذا الخيار أو ذاك ، لكنهم في المحصلة ينسكبون في خيار المستقبل الواعد، أو يتمرغون في خيار الماضي الذي كان سبباً فيما آلت إليه الأمور. اليوم نقف أمام الحقيقة السافرة، ونرى بوضوح العدسات المكبرة الفرق بين المستويين ، فالذين يريدون الإبحار نحو المستقبل المشرق يواجهون مقاومة عنيدة شرسة من قبل الرافضين للمستقبل ، وبالمقابل ، يجد الرافضون للمستقبل أنفسهم أمام تحدٍ صارخ لمشاعر الجماهير الغفيرة التي شبت عن الطوق، ولم تعد مستعدة للمساومة على مصيرها. الفرز المنطقي في مؤتمر الحوار الوطني يتناسب مع فرز مجتمعي موازٍ له ، ومن هنا الفرصة السانحة لمن يريد تطهير نفسه من أدران الماضي والالتحاق بركب المعاني السامية، النابعة من حاجتنا الماسة للسفر صوب الدولة اللا مركزية الاتحادية التي تجعلنا متساوين في الحق والواجب ، وتركل بأقدام نقائها الواعد خرافات الماضي القريب ، ومآسيه القاتلة. [email protected]