بعد حرب 1972م والانتصارات الجزئية التي حققها جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل الوحدة على جيش صنعاء والمليشيات القبلية الداعمة له ميدانياً حدثت تغيرات جوهرية في العلاقات السياسية والعسكرية الجنوبية والدولية، إذ أصبحت العلاقات تميل نحو تمتين وتوسيع العلاقات مع دولة الاتحاد السوفيتي في كل المجالات بما في ذلك المجال العسكري وزاد اعتماد دولة الاستقلال في الجنوب سابقاً على مصادر التسليح من الاتحاد السوفيتي و دول شرق أوروبا الشرقية ذات الأنظمة الاشتراكية وبدأت المدارس العسكرية والأمنية المتخصصة في الاتحاد السوفيتي ودول شرق أوروبا الاشتراكية تستقبل العشرات من المتدربين في مجال الطيران والقوات البحرية والبرية ومن المتدربين الأمنيين في ألمانيا. واستدعى هذا التغيير تدفق الأسلحة السوفيتية إلى القوات المسلحة الجنوبية عوضاً عن الأسلحة البريطانية التي تم الاستغناء عنها في العمليات الحربية الجزئية لمواجهة القوى المخاصمة للدولة والتي كانت تحتشد على الحدود الشمالية والشمالية الشرقية وأدى هذا التحول الكبير أو المنعطف الكبير إلى تكدس الأسلحة ذات المنشأ البريطاني في المخازن العسكرية. وفي ذلك الوقت قررت حكومة الجنوب سابقاً التخلص من هذه الأسلحة ببيعها في السوق الخارجية، وكانت المناطق الشمالية مفتوحة لتسويق مثل هذه السلع وبرزت الحاجة إلى واسطة أو تاجر له علاقة واسعة مع هذه الأسواق فكان التاجر “ محسن قائد” وهو من منطقة “الضالع” وكان هذا التاجر على علاقة بأهم قيادات وزارة الدفاع والداخلية علي عنتر وصالح مصلح كما كان أبو محسن قائد تاجراً معروفاً في عدن والضالع والمناطق الشمالية للضالع وتوفرت العناصر المهمة لتبني محسن قائد لهذا النوع من التجارة. وأعتقد أن الحكومة شكلت لجنة لتصريف هذه الأسلحة وتركت لها حرية اختيار التجار وآليات عملهم في ظل تعقيدات جديدة ظهرت بعد حرب 1972م وأهمها إغلاق المنافذ الحدودية بين صنعاءوعدن والتواصل التجاري بين أسواق الجنوب وأسواق الشمال والعقوبات المفروضة على الاختراقات التي طالت الأفراد والتجارة. ومقابل تبني حكومة صنعاء معسكرات وقوات معادية لدولة الجنوب تبنت حكومة عدن في النصف الأول من السبعينيات تشكيلات عسكرية معادية لحكومة صنعاء مما استدعى تمويل هذه التشكيلات بالأسلحة التي كانت في المخازن وخاصة الأسلحة المتوسطة والثقيلة، وحملت هذه الأسلحة إلى مناطق العمليات العسكرية في إب وتعز كمناطق مواجهات ساخنة، وبهاتين الآليتين تم التخلص من الأسلحة البريطانية وجلها إن لم يكن جميعها تدفقت إلى مناطق الشمال. وازدهرت تجارة الأسلحة في هذه الفترة مستمرة حتى 1986م وبنفس الآليات وأدرت الأموال إلى حكومة عدن التي كانت تعاني من العجز المالي الدائم. وفي نهاية 1978م زرنا ألمانيا الشرقية، محمد صالح مطيع، يحيى الشامي وأنا وهناك قابلنا حسن الدفعي، أحمد الرحومي ومحمد الخاوي بصفتهم من “السبتمبريين” أعضاء تحالف الجبهة الوطنية وعرفنا بأن حكومة صنعاء حصلت على عدد من الدبابات من “بولندا” وبتمويل من دول أجنبية ثم زرنا «موسكو» محمد صالح مطيع وأنا ، وقابل مطيع وزير الدفاع السوفيتي وبعده قابلنا “اندربوف” رئيس لجنة أمن الدولة وطلب مطيع من” اندربوف” أسلحة “للجبهة الوطنية” وقد أمر “أندربوف” بكميات الأسلحة التي كانت معدة لفيتنام ..واعتقد أن الأسلحة وصلت إلى مخازن القوات المسلحة في عدن وبدورها تقوم بتصريفها.. وفي بداية 1979م اندلعت الحرب بين قوات حكومة صنعاء وقوات حكومة عدن وكانت قوات عدن عقائدية وتمتلك كل مقومات هزيمة قوات حكومة صنعاء وليس هذا فحسب بل كان المفروض أن تستولي قوات حكومة عدن على صنعاء بعد تحريك قوات الجبهة الوطنية وبعض الألوية العسكرية حول صنعاء غير أن الانتصار كان جزئياً. يتبع رابط المقال على الفيس بوك