• محافظة تعز التي تئن تحت وطأة العديد من المشاكل، لا تزال حتى الآن لم تجد الطريق للتخلص من مشاكلها (القديمة والمستحدثة)، عقد مؤتمر للحوار المحلي في المحافظة، اعتبره الكثيرون إحدى الطرق والوسائل لبحث كافة القضايا التي تهم المحافظة ووضع الحلول لها بما من شأنه استعادة تعز لدورها المدني الحضاري الذي لطالما كان طابعها المميز والمتفرد على مستوى الوطن اليمني.. إلا أن هذا المؤتمر لا يزال متعثراً بعد ما شهدته جلسته الافتتاحية من أحداث أدت إلى تعليق أعماله.. ولكن هل تعز فعلاً بحاجة لحوار محلي؟! • تباينت الآراء حول جدوى الحوار المحلي بين مؤيد ومعارض، فالبعض يرى أن أهمية الحوار لا تكمن فيما سيناقشه من قضايا، بل في كونه فرصة للتقارب بين الفرقاء وتهدئة النفوس وإزالة الاحتقانات وطي صفحة الخلافات والصراعات ودفنها وإلى الأبد، لأن أغلب مشاكل تعز إنما سببها الرئيس يتمثل في استمرار الخلافات والصراعات السياسية بين الفرقاء، وإذا ما توقف الجميع عن المناكفات والمكايدات السياسية فستتخلص المحافظة من أغلب المشاكل القائمة. • والبعض يؤكد ويؤمن بأن تعز بحاجة فعلاً إلى مؤتمر حوار محلي بين مكوناتها السياسية والمجتمعية، حوار يفضي إلى نتيجة وحيدة وهي التوصل إلى حلول ناجعة لكافة القضايا، حيث يرى هؤلاء أن قضية تعز هي مسألة تخص في المقام الأول أبناءها الذين يعرفون نوعية المشاكل التي تعانيها محافظتهم ومسبباتها وطبيعتها، وأيضاً الطريقة المُثلى للتعامل معها ومعالجتها بما يعود بالنفع والفائدة على الجميع، وبأيديهم إما أن يتركوا محافظتهم نهباً للمشاكل والخلافات ومرتعاً للفقر والصراعات أو أن يجعلوا منها محافظة آمنة ومستقرة تشهد بناءً وتنمية وتطويراً لصالح أبنائها. • ومن ضمن المؤيدين من يرى أن الحوار المحلي يجب أن يكون منصباً في قضايا تعز المحلية، لا أن يكون تقليداً لمؤتمر الحوار الوطني الشامل ونسخة مصغرة عنه في قضاياه ونسب التمثيل وآلية العمل، وذلك لعدة أسباب، منها أن عنوان المؤتمر هو “الحوار المحلي” أي حوار حول قضايا المحافظة بالأساس، أما القضايا الوطنية فهناك مؤتمر وطني شامل للحوار يضطلع بمهمة مناقشتها ووضع المعالجات لها، والمحافظة لديها ممثلون فيه، كما أنه من غير المقبول أن يتم مناقشة بعض القضايا كقضية الجنوب وقضية صعدة في حوار محلي وفي غياب ممثلين للأطراف المعنية بهاتين القضيتين. • البعض الآخر يقف في موقف المعارض لمؤتمر الحوار المحلي، حيث يؤكد أنه لا داعي لحوار محلي في تعز، لأن حل ومعالجة المشاكل التي تعانيها تعز لا تحتاج إلى حوار بل إلى قرارات قوية من الجهات المسئولة في المحافظة وشفافية كاملة لفضح وكشف كل من يعمل على إثارة هذه المشاكل ويقف في طريق وضع الحلول والمعالجات المناسبة إزاءها، ويذهب هؤلاء إلى القول بأن قضايا تعز لا تحتاج إلى مؤتمر حوار بقدر ما تحتاج إلى نوايا صادقة من كافة أبناء المحافظة (أحزاباً ومنظمات وأفراداً) تجاه محافظتهم وإذا ما توافر ذلك فمن شأنه القضاء على الكثير من المشاكل التي تعانيها المحافظة. • وبين هذا وذاك، هناك بعض من ينظرون إلى مؤتمر الحوار المحلي من زاوية الاستفادة المادية ويعتبرونه بمثابة فرصة للتكسب مهما ادعوا بأنهم لا يرومون من وراء هذا العمل سوى وجه الله، وأن الوطنية تفرض عليهم العمل الطوعي لخدمة المحافظة والوطن، فعلى الواقع لا وجود لمثل هذه المثالية الوطنية المطلقة إلا ربما في المدينة الفاضلة، لأنه من غير المنطقي أن تجد من ينظم وينسق لهذا المؤتمر أو يحضر جلساته لمدة شهرين متواصلين، تاركاً عمله دون أن يحصل على مقابل مادي مهما كانت درجة وطنيته. • ومع تباين الآراء إلاَّ أن المؤكد أن الغالبية العظمى من أبناء المحافظة مع كل عمل يؤدي إلى أن تتخلص المحافظة من كافة المشاكل التي تعانيها وأن يلمسوا على أرض الواقع حلولاً عملية وجذرية لكافة القضايا والمنغصات التي تقف حجر عثرة أمام الجهود الهادفة إلى تطبيع الحياة في المحافظة ورد الاعتبار لمدنيتها المسلوبة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك