وقع الأستاذ عبد الرحمن بجاش الكاتب المعروف كتابه (شهقة الفجر) جمع به مقالاته الرائعة التي كتبها على مدار سنة تقريباً في عموده الذي كان هنا في هذه الصفحة جاراً وكاتباً وإنساناً رائعاً.. أسلوب بجاش متميز يغلب عليه الطابع الإنساني المرهف وفي مقالاته مسحة قصصية لطيفة وخفيفة دم وشيقة. يجبرك بجاش على الذهاب معه إلى الأمكنة والأزمنة والشخوص التي يتحدث عنها في مقالاته بحرقة وشوق وأسى على الماضي.. أعشق الكتابات الذاتية وخاصة تلك التي تحاكي الطفولة والماضي والأيام الهاربة والطفولة الغائرة في بحر الزمن الشارد, وهذا هو عبد الرحمن بجاش في كتابه (شهقة الفجر)حيث يأخذك الى شارع 26سبتمبر ومقهى الإبي وأيام زمان بما فيه من ثورة وجدل وحراك سياسي وفكري وشخصيات قادة العمل السياسي والفكري التي أثرت وساهمت في التغير الذي نراه اليوم. يسافر بك إلى قريته هناك ودار جده لتعيش مع خمرة التربة وصوت (الجوالب) وأنفاس العصافير وثغاء الماعز وحركة الناس المختلطة بالمطر و(السيل بالسائلة)يتجول في الماضي لينقب عن ذكرياته وما أجمل أن يبحث المرء عن بعضه المتناثر في أزقة الحارة وفصول المدرسة وشقاوة الأصدقاء.. جيل بكامله لا يعرفهم أحد، سنجد عيسى محمد سيف وعبد الغني على وكثيرين كانوا كباراً وتجد ساحة الحرية والتغيير و11فبراير حاضرة بقوة في شهقاته كحلم مكثف للأجيال، ومازال الكاتب مثلنا يخاف أن تخبو وهجها أوتنتكس أو تحاصر ولهذا تقرأ فيه تحريضاً على التمرد والثورة المستمرة حتى تصبح الثورة قيمة وروحاً شعبية يصعب إطفاءها وثقافة متجذرة تصنع مجداً وتمنع عودة الاستبداد وتجمي الحرية من مخاطر أوغاد التاريخ ولصوص الثورات. الكتاب بحجم متوسط وقد جعل مقدمته للدكتور عمر بن عبد العزيز وخاتمته مقالاً لي كتبناه أنا وعمر توديعاً له عندما غادر مكانه كجار أليف وقلم كبير.. كتاب شيق ومفيد فيه المتعة والمعلومة و الأسلوب (السهل الممتنع) وصور جميلة لأيام زمان وتفصيلات مدهشة لمفردات المكان والزمان ويستحق القراءة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك