لاجدال في شرعية المطالية الحزبية بعزل الرئيس السابق سياسيا ومؤتمريا ونفيه خارج الوطن ولكن الجدال مشروع حول هذه المطالب التي تصدر من خارج إطار التسوية ومضمونها التي توافقت عليها أطراف الأزمة الوطنية برعاية إقليمية ودولية في نوفمبر من العام 2011م بالرياض. استمر الجدل السياسي والحزبي حول المبادرة الخليجية بين أطراف الأزمة اليمنية قرابة العشرة أشهر وتم تعديلها اكثر من مرة كما تم إرفاقها بآلية تنفيذ زمنية وكان بمقدور التحالف المعارض للرئيس السابق أن يضمن المبادرة وآلياتها المزمنة تحديداً واضحاً لمصيره بذات الوضوح الذي ظهرت به الحصانة الممنوحة له من المساءلة والمحاكمة. كان الرئيس السابق قد تحدث في مقابلة له مع فضائية روسيا اليوم قبل توقيع المبادرة أنه بعد التنحي عن رئاسة الجمهورية سيبقى في مسقط رأسه وعلى رأس حزبه يمارس السياسة من هذا الموقع كمعارض وسيقدم نموذجاً في المعارضة يتعلم منه قادة الأحزاب التي عارضت حكمه فن المعارضة ولو كان هولاء قد سمعوا هذا وأدركوا نتائجه لاشترطوا في بنود التسوية وآليتها العزل السياسي للرئيس السابق مقابل الحصانة. إن رئاسة حزب المؤتمر شأن مؤتمري ولاصلة بينها وبين رئاسة الجمهورية ففي خطاب أحزاب المعارضة في عهد الرئيس السابق ما يعبر عن موقفهم الرافض للجمع بين رئاسة الحزب ورئاسة الجمهورية والرئيس الحالي رئيس التوافق السياسي لإدارة المرحلة الانتقالية وليس هو الرئيس المنتخب كمرشح لحزب المؤتمر وبرنامجه الانتخابي حتى تكون لرئاسة المؤتمر تأثيرا عليه أو سلطة متحكمة بسياساته وقراراته لذلك من المهم اغتنام الفرصة السانحة بالمرحة الانتقالية لتحييد رئاسة الجمهورية عن التحيز الحزبي. كان اليمن قد تميز عن غيره بخصوصية الاحتفاظ بالحزب الحاكم وعدم اجتثاثه أو حظره قضائياً تأكيداً لسلمية الصراع وتجسيدا لديمقراطية التغيير التي تؤسس للشراكة الوطنية عهداً جديداً خالياً من الاقصاء والالغاء ومتحررا من التسلط والاستئثار لذلك بقي حزب المؤتمر شريكا في عملية الانتقال السلمي للسلطة ليواجه في نهايتها المصير الذي تقرره صناديق الاقتراع فلماذا نطالب الآن بإلغاء الحصانة وعزل الرئيس السابق ونفيه؟ لاتخلو هذه المطالب من شبهة التآمر ليس فقط على حزب المؤتمر بل على العملية التأسيسية للديمقراطية المنشودة في اليمن نهاية الفترة الانتقالية فرئاسة حزب المؤتمر قد تفكك الحزب وتضعف ثقله الجماهيري إن لم تخرجه تماماً من المعادلة الحزبية وهو مايحقق مصلحة أحزاب أخرى مهيأة لترث المؤتمر وما كان عليه عهده من عناوين انتخابية تعبر عن شهيته للتسلط والاستئثار ب “أغلبيات كاسحة” هذا ما يؤكده الواقع عن أهميةالحضور المؤثر لرئيس حزب المؤتمر وما يترتب على غيابه من تفكك وضعف نتيجة لغياب الاستعداد السياسي والتنظيمي لدى المؤتمر لمواجهة غياب (الزعيم) عن قيادة الحزب.كما يصفه الإعلام المؤتمري. إذا كان الشعب يريد عزل الرئيس السابق ونفيه فدعوه في رئاسة حزب المؤتمر ليواجه هذا الحكم الشعبي على نفسه وحزبه في الانتخابات التي تلي الفترة الانتقالية ذلك ان السخط الشعبي على الرئيس السابق سيترجم ضد مرشحي حزبه بصورة قد لا تقضي على رئيس الحزب فقط بل عليه وعلى الحزب معه خاصة وقد فقد الرئيس السابق وحزبه مقومات القدرة على التزوير أو التأثير على الناخبين بقوة السلطة في الاغراء ترغيباً وترهيباً وتسخيراً للوظيفة والمال العام والاعلام الرسمي ومؤسسات السلطة المحلية والمركزية. عموماً كان مما سيحسب للرئيس السابق كانجاز هو بقاء حزبه وتماسكه بدون الحاجة إلى قيادته وأظنه من المستحسن تنبيه رئيس حزب المؤتمر إلى هذه النقطة المحورية والهامة كي يغتنم الفرصة السانحة لانجازها إذا نجح في البقاء رئيساً للحزب حتى الانتخابات التي تلي الفترةالانتقالية ليسلم قيادة الحزب إلى خلف قادرعلى مواجهة تحديات التأسيس لعهد جديد من تداول السلطة في الدولة والأحزاب والمجتمع. كنت قبيل التوجه السياسي في تونس ومصر لحظر وجود الأحزاب الحاكمة هناك ومعاقبة قادة القطرين بالنفي والاعتقال قد دعوت إلى تسامح يؤسس للتحول العربي من عقلية وتاريخ الانتقام إلى شرعية العدالة الانتقالية والعفو السياسي وازدادت قناعتي بهذه الدعوة بعد أن عززها المناضل الإنساني القدير نيلسون مانديلا في خطاب دعى فيه حركة الاحتجاج الشعبي في بعض الاقطار العربية الى التسامح وتجنب الثأر والانتقام واستلهام تجربة جنوب افريقيا وتمثل قيم الاسلام ورسوله بعد فتح مكة , فهل نؤسس في اليمن لعهد جديد؟!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك