تعود بين الفينة والأخرى الى الواجهة حالات من النزق السياسي الكاذب أصلاً للمطالبة باسقاط الحصانة والدعوة الى العزل والنفي وهي دعوةٌ تحركها الصراعات الخفية بين شركاء الأزمة الوطنية وتسويتها السياسية لكنها خطرة في دلالتها على توجه قائم ومتحرك نحو تصفية الرشد الذي تميزت به الانتفاضة اليمنية في خارطة ما يسمى “الربيع العربي”. تحقق الرشد السياسي للانتفاضة الشعبية السلمية في اليمن من خلال ادماج النظام القديم في العملية الانتقالية ثم في تحصينه من الثأر والانتقام والانتقال به ومعه الى عهد جديد من التسامح والسلام منفتح على الديمقراطية ومحمي بها في عدالة انتقالية تجرم الممارسات وتنصف ضحاياها وتمنع تكرارها لكنها تتجاوز ماضيها بالعفو والاحسان. ان المطالبة باسقاط الحصانة ومحاكمة القتلة لن تقف عند شخص رئيس سلطة الحكم أو في دائرة مغلقة بانتقاء على بعض رموز حكمه وسلطته أو في نطاق زمني محدود بما يلي انتفاضة العام 2011م فالمحاكمة وإن جرت بالعدل التام ستمتد الى دائرة أوسع في سلطة الحكم وفترة ممارساته للسلطة لتشمل رموزاً في النظام الحاكم وتثير انشقاقاً في تحديد نطاق هذه الدائرة بما يدخلنا في جحيم الصراع وويلات الثار والانتقام. ان المخاوف المشروعة على مكتسبات الثورة من مخاطر عودة النظام القديم لا تسمح لنا بالانزلاق الى مفاسد التسلط التي عايشناها في التاريخ المعاصر تحت شعارات حماية الثورة وتحصينها من مؤامرات أعدائها من بقايا النظام القديم ومن غيرها في الداخل والخارج فمن الرشد السياسي ان نبدأ تطبيق البديل الامثل على القديم المنهار تاركين امر العزل والحرمان للجماهير التي صنعت التغيير وهي وحدها القادرة على حمايته وتحصينه من أي اختراق أو ارتداد. لا تزال الفرصة سانحة لرشد الثورة اليمنية ان يكتمل في المخرجات المرتقبة لمؤتمر الحوار الوطني الشامل وذلك بالانتقال الى مرحلة التاسيس المتكامل لهذا الرشد في الدولة وسلطتها كما في المجتمع وقواه .. إن التسامح يبدأ من العفو والعدل يتحقق إذا قام على الانصاف والاحسان متجهاً الى المستقبل بعيداً عن ثارات الماضي ودوامة الانتقام. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك