الأزمة الوطنية في المحصلة الإجمالية لتعريفها هي الأزمة المركبة من دورات الصراع العنيف على السلطة وتعقيدات النتائج المترتبة عليها بين الغالب والمغلوب خلال تاريخ اليمن الجمهوري قبل الوحدة بين الشطرين وبعدها, لذلك تبرز محورية الصراع على السلطة ليس في جانب ملفاتها المحددة لبحث الحلول فحسب ولكن في جوهرها المتصل بأسس بناء الدولة اليمنية الجديدة. ونتطلع هنا بأمل وطموح الى الحوار الوطني المنعقد حالياً لكي يستخلص محورية الصراع على السلطة من التباين الظاهر والخفي في رؤى الأحزاب والقوى المشاركة في مؤتمر الحوار لملفات الأزمة الوطنية وأسس بناء الدولة المدنية للتعامل مع محورية الصراع بما تستوجبه من اعتراف بحقيقته المحرّكة للعمل السياسي والمولّدة للتنافس بين قوى هذا العمل المتعددة والمختلفة اعترافاً يضمن تجاوز أزماته المتناسلة في تاريخنا الحديث ويؤسس لمستقبل ضامن لإدارة هذا الصراع بسلم وسلام.. ليست المسألة بالسهولة المحمولة على التكرار الآلي لمبدأ التداول السلمي للسلطة، فهذا التداول غير متاح عملياً بمجرد النص عليه في دستور الدولة، ما لم يتأسس هذا النص على واقع قابل لتحقيقه عملياً، وأعني به الإعتراف المتبادل بين قوى الصراع على السلطة بحقها جميعاً في ولاية السلطة وإدارتها، وهذا الإعتراف يتجسد عملياً بتوافق الجميع على نظام جامع لها وسلطة ناظمة لصراعاتها ومنظمة لإدارة هذا الصراع وحسمه من داخل السلطة وخارجها، لتكون السلطة الحاكمة هي سلطة الكل وإدارة الجزء في إطار مفتوح للدخول الى مؤسساته والخروج منها دون كوارث أو خسائر. يترتب على هذا الإعتراف المتبادل بشرعية الصراع على السلطة، حل عادل للقضية الجنوبية وقضية صعدة، فالصراع بين مطلبي الوحدة والانفصال يحسم سلمياً كما تسقط دعاوى انصار الله المذهبية والعرقية اذا وجدوا طريقهم الى السلطة ووجدوا في هذه السلطة حقهم في العدل وسيادة القانون. إن أي محاولة لتجاوز محورية الصراع على السلطة في الأزمة والحلول، هي محاولة لتفجير ملفات الأزمة وإفشال محاولة بناء الدولة، وإن جاء خطابها مغروراً بزخرف القول عن قداسة الوحدة وحاكمية الشرعية، لأن الواقع جاء من تاريخ سادته هذه المزاعم في تبرير عنف الصراع ودموية دوراته المتكررة، بمآسي الإقصاء والإلغاء المتبادل بالتكفير والتخوين. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك