كل من يحاول إعادة عملية التاريخ للوراء وإعاقة التغيير ستكون مهمته منكودة الطالع وخاسرة المآل والثابت أن مهمة المرحلة الانتقالية تكمن في تحديد طبيعة النظام القادم على أن تحسم مسألة النظام السابق . وتبدو الفترة الانتقالية معقدة بشدة كما يقول التاريخ . لكن تبقى الآمال متأججة من أجل نظام جديد يخرج من رحم النظام الشائخ ، نظام المصلحة الوطنية لا مصلحة النافذين . لذلك تلاقى مهمة تفكيك النظام المثار عليه اعاقات مكررة وممنهجة . في حين يجب التركيز في كل المراحل الانتقالية على اعادة بناء الوعي على اساس وطني سليم . ويبقى المفترض ان تتكون نخب جديدة تقود عملية التغيير وتراقب مساره .و لقد تحمل الشعب بما يفوق الخيال حتى قامت الثورة وجاء البعد السياسي الذي رغم تحفظنا عليه بدأ بدفع العجلة قدماً . لكن الضروري في أي مرحلة انتقالية ان يكون الرأي العام مراقبا لما يجري من تحولات . ولعل ما حصل في اليمن رغم البطء مقارنة وطموح الثورة ومشاكل الواقع يبدو اكثر صعوبة ، لكنه تحقق كحلم خلاق ومثابر بفعل طاقة التغيير التي لا تقبل الركود .وكما نعرف فإن الدولة هشة ومراكز القوى متجذرة ولا تشبع والجيش غير محيد وهناك قضايا وطنية كبرى وثمة سلاح منتشر بشدة اضافة الى مشاكل متفاقمة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. بمقابل هذا كان الأهم هو ثبات مؤسسات الدولة- رغم كل رخاوتها وفسادها -من الانهيار . ثم ان التغيير اصلا هو عملية تغيير كبرى متراكمة ما يعني أن تشجع المرحلة الانتقالية بشكل رسمي وبجهود المنظمات المدنية أيضاً مشروع الثقافة الاجتماعية من أجل التغيير كما ينبغي، باتجاه خلق مزاج عام لمتابعة العملية التغييرية والحث عليها والمناداة بها والوقوف معها وهي تواجه الاعاقات . والمعلوم ان كل نظام سابق غالباً ما يتعمد ضخ الفوضى في المجتمع انتقاماً من ناحية بفقدان مصالحه ومقاومة للتغيير من ناحية اخرى . وبالمحصلة لا يمكن بناء وعي التغيير الحقيقي في واقع كاليمن مأزوم ومتخلف على أكثر من صعيد دون بناء وعي ثقافي جديد يحمل الروح التقدمية بقيمة التغيير والدولة المأمولة من خلاله ، الدولة المدنية التي تترسخ مداميكها بتكريس التنوير الثقافي بمفاهيم الحريات والحقوق وتحقيق الذات وصيانة الابداع الفردي وتنمية الانسان كرأسمال وطني وصولاً للنهضة الجمعية التي من شأنها انجاز المواطنة المتساوية والقانون ومكافحة الفساد إحلالا للكرامة وللخبز وللأمن وللشراكة الوطنية العادلة بالضرورة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك