منذ أكثر من أسبوع احتفل الوسط الثقافي والسياسي بشخصية وطنية قلما اختلف عليها اثنان، قامة باسقة كشجرة السنديانة ، تنحني للريح لكنها تعود واقفة في صلابة وثبات, لا تنقصها شجاعة الموقف ومسيرة العطاء التي لا حدود لها.. إنها شخصية الأستاذ حسن أحمد مكي، الرجل المثقف والسياسي المحنك والمسئول القدوة وقبل ذلك المناضل الجسور الذي لا تخيفه في الحق لومة لائم. تذكرت هذه الخصال وأنا أتابع احتفائية تكريم هذه الشخصية الوطنية بامتياز، وهي حاضرة بيننا ترقب المشهد العام وكلها أمل في أن ينجز اليمنيون الانتقال من هذا المربع الاستثنائي في تاريخ اليمن المعاصر إلى فضاء جديد يتجاوز أسر هذه التحديات.. والأمل بأن تكون النخب السياسية – خاصة المتحاورين منها – عند تطلعات الشعب في استحضار نضالات كل الوطنيين الذين أبلوا بلاءً حسناً من أجل كرامة الإنسان اليمني وحريته واستقراره وازدهاره ورخائه. في البدء أعترف إنني لم أقترب كثيراً من شخصية الدكتور حسن مكي ،لكنني من موقعي الصحفي ظللت أتابع مسيرة نضاله الوطني ومواقفه المبدئية الشجاعة، خاصة تلك التي كان فيها شديد الالتصاق بالمواطن البسيط ومعبراً أميناً عن تطلعاته وأدائه المتسم بالانتماء إلى الدولة المدنية وسلطة النظام والقانون وروحه التواقة إلى الحداثة وانتشال الوطن من ربقة الانشداد إلى الولاءات الضيقة بكل معانيها ودلالاتها وتأكيده الدائم على تعزيز التماسك الوطني، إذ دفع الرجل ثمناً باهظاً خلال فترات متعاقبة من توليه زمام المسئولية في مواقع عديدة للدفاع عن هذه الخيارات والمبادئ، وتحديداً منذ أن تقلد رئاسة الحكومة منتصف ستينيات القرن المنصرم مروراً بكل المسئوليات التي تحملها، وكاد أن يدفع حياته ثمناً لرفضه خيار الحسم العسكري لمعالجة الاختلاف السياسي بين الأطراف اليمنية عقب إعادة توحيد الوطن اليمني وهي الأزمة التي قادت إلى حرب صيف 1994م والقصة معروفة لا تحتاج إلى كثير شرح. تحية للإنسان حسن مكي الشخصية الوطنية التي كانت – ولا تزال – حاضرة في المشهد العام كالسنديانة المخضرّة على الدوام.. وشكراً للذين احتفوا بهذه القامة الوطنية على أمل أن تكون سيرة حياته وعطائه وتفانيه وإخلاصه وروح الحداثة حاضرة أمام النخب اليمنية حاضراً وهي تتلمس طريقاً آمناً للخلاص من أسر التحديات الراهنة التي تلوح في الأفق وتكاد تتهدد الوجود الوطني وتشتت مقدرات الدولة والمجتمع على حد سوا.. فهل نتعظ !؟ رابط المقال على الفيس بوك