الذاكرة مليئة بالألم وأنت فارغ منك.. تبحث فيك عن مساحةٍ للإقامةِ فيها.. غير أنك ممتلئ بغيابك وحضورهم، ثمة مقولة ترددها “الأواني الفارغة أكثر ضجيجاً”..تتساءل لعل قائلها لم يكن يدرك بأن الأواني الممتلئة قد تكون أكثر عبئاً..قد تحتاج مذكرة لإفراغ الألم فيها.. ربما ستصبح الذاكرة أكثر ضجيجاً، وتصبح أكثر من كونك مشاهداً وحيداً أمام واجهة مسرح لذاكرةٍ يتجمهر الألم فيها. مسرحٌ ليس بحاجة إلى إسدال ستارة بين المشهد الأول وأنت.. دام أنك الشاهد الوحيد على ذاكرتك، شعارات الثورات العربية لا تنفع هنا، كل ما تمتلكه المشاهدة فقط.. قد تصيبك شظايا الماضي.. مع ذلك لن يراك الآخرون تنزف كونك الوحيد المتواجد فيك وكونهم الكل المتواجدين فيها.. إذًا الذاكرة أكثر عبئاً وأنت أكثر ضجيجاً. الأضواء مسلطة على مسرح الذاكرة.. وأحداثها سليطة عليك، وأنت الجاني والمجني عليه.. قد تفكر بنعمة الجنون، لكن ما فائدة ذلك إن كان في الجنون: أن تمتلك عقل العالم وتنسى جسدك. الصراع مهم.. ستدرك حتميته وأنت عالقٌ بين مساحة الوعي واللاوعي، تلك المساحة الحيادية التي تحتفي بذهولك عليها.. كاحتفائها بغيابك، ليس ثمة (صافرة) من حولك تعيدك وعياً رهين الآن.. أو سكينة تشرع فيها حضورك وأنتَ تتلمس الصدى في جدران ذاكرتك بعد أن امتلأ رأسك بتلك الأحداث.. سيكون الظل أكثر رقيباً على تلك الجمهرة في خشبة المسرح.. وستكون الوحيد الذي نجا من رقابته ما دام أنك الوحيد في الظلمة.. حينها ستدرك مرة أخرى أن ليس ثمة شاهد على نزفك سواك. فالذاكرة ليس بإمكانها مواراة ماضيك ما لم تخبئ المستقبل فيها.. رابط المقال على الفيس بوك