الإصرار على تحدي السواد الأعظم من الشعب والميل إلى مداراة ومداهنة القوى ذات التوجهات الأشد غلاة وخطراً على البلاد والعباد على حساب السواد الأعظم، لايمكن أن يحقق الرضا والقبول، بل سيخلق أمرين أحدهما أشد مرارة الأول: تقوية القوى الأشد خطراً على السلم الاجتماعي للتمدد والنمو غير الطبيعي ولن ينفع معها التضحية بالقوى المعتدلة والأكثر حرصاً على السلم الاجتماعي، وسيزيدها جبروتاً وتمدداً، والأمر الثاني: نفاد صبر القوى المعتدلة التي تمثل السواد الأعظم من الشعب، والنتيجة الحتمية لهذا التعامل المزدوج هي الخسران المبين الذي لاينفع معه عض أصابع الندم. إن اصرار القائمين على مفاصل جوهرية في الحكومة على الكيل بمكاييل متعددة وذات أبعاد همجية ونوايا عدوانية تجردت من القيم والأخلاق ومالت ميلاً خطيراً إلى الوسيلة الهمجية ذات الأبعاد الفوضوية، وجعل غايتهم المجنونة تبرر تلك الوسائل واحدة من أعظم مؤشرات الدمار القادم الذي تحضر له تلك القوى التي لاتفكر إلا في ذاتها فقط، ولم يعد التفكير في الوطن والمواطن والدين والانسان إلا باعتبار كل ذلك مجرد وسيلة لتحقيق غاية الشر والعدوان وعشق السلطة والوصول إلى استكمال السيطرة عليها بأية وسيلة مهما كانت حقيرة ودنيئة، وهذا الاصرار المجنون بدون أدنى شك سيقود إلى المزيد من فقدان الثقة الجماهيرية التي ترقب الأحداث وتقيم التصرفات وتتنبأ بكبائر الأحداث وتحذر من مغبة التمادي في ممارستها، وتجعل الجماهير تعزف عن تلك القوى العدوانية وترفض سياساتها الهمجية الاقصائية الفاجرة الأمر الذي سيدفع تلك القوى المجنونة بالسلطة إلى ابتكار وسائل أكثر نكاية بالشعب وستكون تلك الوسائل وبالاً على تلك القوى قبل أن تطال الشعب. إن الحكمة والايمان يفرضان على العقلاء في تلك القوى مراجعة تلك التصرفات وعدم التفريط في القوى المعتدلة التي تمثل السواد الأعظم من الشعب ووضع حد للتصرفات العدوانية والاقصائية حرصاً على منع تسرب الجماهير من تلك القوى والقوى السياسية المعتدلة إلى القوى المعادية والأشد عداءً وخطراً على الحياة الانسانية، لأن ردود الفعل الناجمة عن ممارسة الاقصاء الممنهج يدفع الناس نحو ردة فعل عفوية تخدم احتدام الصراع بين القوى المتناحرة وتمنع القوى المعتدلة من احداث التوازن، وهو ما يجعل الخطر القادم أشد فتكاً. لقد خدع الانسان البسيط بالتحالفات المشبوهة والتي مازال البعض من القوى المتناقضة يعتبرها حميمية، غير أن المؤشرات العملية تنذر العقلاء والحكماء إلى العودة إلى جادة الصواب والكف المطلق عن اقصاء السواد الأعظم ووضع الاعتبار لمثل ذلك السواد بعيداً عن الأحقاد الشخصية وسياسة الاجتثاث والخلع والتصفية، لأن ذلك يعني اجتثاث الشعب وهذا أمر مستحيل لأن الشعب مستمد ارادته وقوته من الخالق جل شأنه. رابط المقال على الفيس بوك