إن الذين أعدوا القوائم السوداء ونصبوا المشانق لم يعد يكفيهم المداد والبياض؛ لأن المستهدفين شعب بأسره، ولم يعد فقط من يقل الحقيقة ويغلب الصالح العام على المصالح الأنانية الضيقة، ولأن الحقد قد أعمى بصرهم وبصيرتهم فاستباحوا دم الشعب، ووجدوا أن ذلك لا يشبع رغبتهم الانتقامية، فأضافوا إلى ذلك الممتلكات العامة والخاصة وكل ما يقع تحت أيدي من يدفعونهم لتخريب البلاد وتدمير مكتسباتها التي تحققت منذ قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وحتى اليوم. إن الحقد الأعمى قد تمكّن من قلوب تجار الحروب وأصحاب الأطماع والطموحات غير المشروعة الذين وجدوا بغيتهم لدى معتنقي الأفكار الظلامية والجاهلية الذين لا تروق لهم الحياة إلا في مستنقع الارتهان والتخلف، فتوافقت الأهواء الشيطانية على تدمير الحياة والعدوان السافر على مظاهر الحضارة الإنسانية، واستطاع المتوافقون على تدمير الحياة أن يستخدموا البسطاء والمغفلين، والذين عملوا على تربيتهم وتنشئتهم أيديولوجياً، وجعلوا منهم أدوات يسيّرونهم لتنفيذ مخططاتهم الانتقامية وإشباع رغباتهم العدوانية الفاجرة. إن المشهد الإجرامي والإرهابي الذي أفرزته قوى الشر والعدوان يدمي القلوب؛ لأن قتل الشعب بدم بارد بات مباحاً لدى القوى الظلامية، وبات الفجور والعدوان بطولات يتباهى بها المغفلون المسيرون المنفذون لمخطط التدمير، ولم يدركوا أن تنفيذهم لتلك الأعمال العدوانية جريمة لا يمكن أن تغتفر، وأن ذاكرة الشعب لن تنسى تلك الأفعال المحرمة ديناً وعرفاً، والتي بلغ مداها استباحة دم أبناء الشعب الذين يخالفونهم في الرأي ويمثلون السواد الأعظم. إننا اليوم أمام ظاهرة من أخطر الظواهر وأشدها فتكاً بالإنسانية، ظاهرة تجرّد مرتكبوها من الدين والأخلاق، وجعلوا الغاية تبرر الوسيلة، وغايتهم الوصول إلى السلطة بأي ثمن وأية وسيلة، وسخّروا كل شيء في سبيل غايتهم وفرض رغباتهم الذاتية بقوة الحديد والنار. ولذلك ينبغي توعية المجتمع وتحصينه وفضح الحقائق والرغبات التي تقف خلف هذه الظاهرة الأشد خطراً على المجتمعات الإنسانية، وينبغي تحصين المجتمع بجوهر الإسلام عقيدة، وتفويت الفرصة على الحاقدين على الدين والوطن بإذن الله.